تكذيب الرّسل إلى قومه حيث إنهم كانوا كفرة ولذا ذمّهم دونه لأنه كان مؤمنا ولم يعلم أنه أرسل إلى قوم تبّع رسول غير تبّع وتبّع أوّل من كسا البيت بالأنطاع (جمع نطع وهو بساط من جلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب أو بالقتل) بعد آدم عليهالسلام حيث كساه الشعر وقيل إبراهيم أول من كساه الخصف ، وأوّل من كساه الثياب سليمان عليهالسلام ، فعن الصّادق عليهالسلام أنّ تبّعا قال للأوس والخزرج : كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبيّ أمّا أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه. ويحتمل أن يكون مراده بهذا النبيّ أي الذي أخبر به الأحبار والرّهبان والكهنة في ذلك العصر. ومعنى الشريفة أن مشركي قريش أظهر نعمة وأكثر أموالا وأعزّ قوّة وقدرة أم قوم تبّع الحميريّ الذي سار بالجيوش حتى حيّز الحيرة ثم سار وأتى سمرقند فهدمها ثم بناها على أصول أرادها. وتبّع كان لقب كلّ ملك من ملوك اليمن كما يقال خاقان لملك التّرك وقيصر لملك الرّوم. والحاصل فإنهم ليسوا بأفضل وأقوى منهم وقد أهلكناهم بكفرهم ، وهؤلاء مثلهم بل أيسر منهم فليحذر هؤلاء أن ينالهم مثل ما نال أولئك (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كعاد وثمود (أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) كما أن كفار مكة مجرمون. وقوله (إِنَّهُمْ كانُوا) ، الآية هذا في مقام بيان علّة الإهلاك وهذا السبب موجود في كفرة قريش.
* * *
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى