قوله : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ) قال عكرمة : يعني النبوة ، وقال مقاتل : أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟ وقال الكلبي : خزائن المطر والرّزق (١). وقيل : خزائن الرحمة.
قوله : (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) وهذه تتمّة الردّ عليهم ؛ لأنه لما (قا) (٢) ل : «أم عندهم خزائن ربّك» أشار على أنهم ليسوا بخزنة الله فعلموا خزائن الله لكن بمجرد (٣) انتفاء كونهم خزنة (لا) (٤) ينتفي العلم لجواز أن يكون مشرفا على الخزنة (٥) ، فإن العلم بالخزائن عند الخازن والكاتب بالخزانة (٦) فقال : لستم بخزنة ولا بكتبة الخزانة المسلطين عليها.
قال ابن الخطيب : ولا يبعد تفسير : «المسيطرين» بكتبة الخزائن ؛ لأن التركيب يدل على السّطر وهو يستعمل في الكتابة (٧).
قال أهل اللغة : المسيطر الغالب القاهر من سيطر عليه إذا راقبه وحفظه أو قهره (٨). قال المفسرون : المسيطرون المسلطون الجبّارون. وقال عطاء : أرباب قاهرون ، فلا يكونوا تحت أمر أو نهي يفعلون ما شاؤوا. ويجوز بالسين والصاد جميعا.
وقرأ العامة : المصيطرون بصاد خالصة من غير إشمامها زايا لأجل الطاء كما تقدم في : «صراط» (٩) [الفاتحة : ٧].
وقرأ هشام وقنبل من غير خلاف عنهما بالسين الخالصة التي هي الأصل وحفص بخلاف عنه (١٠).
وقرأ خلّاد (١١) بصاد مشمّة زايا من غير خلاف (١٢) عنه. وقرأ خلاد (١٣) بالوجهين أعني كخلف والعامّة. وتوجيه (١٤) هذه القراءات واضح مما تقدم في أول الفاتحة ، ولم
__________________
(١) ذكر تلك الأقوال العلماء البغوي والخازن في تفسيريهما ٦ / ٢٥٣ والقرطبي في الجامع ٢٧ / ٧٤ و ٧٥.
(٢) ذلك المقطع سقط من نسخة أ.
(٣) في الرازي : وليس بمجرّد.
(٤) زيادة من النسختين على الرازي.
(٥) وفيه الخزانة لا الخزنة.
(٦) وفيه : في الخزانة.
(٧) وانظر الرازي ٢٨ / ٢٦١.
(٨) اللسان «سطر» ٢٠٠٧.
(٩) وهذه القراءة للعامة ليعمل اللسان عملا واحدا في الإطباق والاستعلاء.
(١٠) وانظر الكشف ٢ / ٢٩٢ والإتحاف ١٩٩ وانظر أيضا السبعة ٦١٣.
(١١) هو هكذا في الإتحاف وفي البحر : وأشمّ خلف عن حمزة وخلّاد عنه بخلاف عنه الزّاي. وفي الكشف لمكّيّ : وقرأ حمزة بين الصاد والزاي على اللّغة.
(١٢) في الإتحاف المرجع السابق ، قال : وأثبت له الخلاف في التيسير وتبعه الشاطبيّ.
(١٣) وفي الإتحاف أيضا : والصاد الخالصة هي رواية الحلوانيّ والبزّار عن خلّاد. وبه قرأ الباقون.
(١٤) السين على الأصل من سطر. والصاد لأجل الطاء حيث يعمل اللسان عملا واحدا في الإطباق والاستعلاء. وقراءة الإشمام بين الصّاد والزاي لغة. وانظر الكشف ٢ / ٢٩٢ ، وحجة ابن خالويه ٦٢ و ٣٢٥.