إلا مع الاشتراك وتقول : مسحته ومسحت به ، وشكرته وشكرت له لأن المسح إمرار اليد بالشيء فصار كالمرور والشكر فعل جميل غير أنه يقع لمحسن (١) فالأصل في الشكر الفعل الجميل وكونه واقعا لغيره كالتّبع (٢) بخلاف الضرب فإنه إمساس جسم بجسم بعنف ، فالمضروب داخل في مفهوم الضّرب أولا ، والمشكور داخل في مفهوم الشكر ثانيا ، وإذا عرف هذا فالتكذيب في القائل طاهر ، لأنه هو الذي يصدق أو يكذب وفي القول غير ظاهر ، فكان الاستعمال فيه بالباء أكثر والباء فيه لظهور معنى التعدية ، وقوله : (لَمَّا جاءَهُمْ) هو المكذب تقديره : وكذّبوا بالحق لما جاءهم الحقّ أي لم يؤخروه إلى التفكر والتدبر (٣).
قوله : (لَمَّا جاءَهُمْ) العامة على تشديد (لَمَّا) ، وهي إما حرف وجوب لوجوب (٤) أو ظرف بمعنى حين (٥) كما تقدم. وقرأ الجحدريّ لما ـ بكسر اللام وتخفيف الميم ـ على أنها لام الجر دخلت على ما المصدرية وهي نظير قولهم : كتبته لخمس خلون أي عندها (٦).
قوله : فهم في أمر مريج ، أي مريج ، أي مختلط ، قال أبو واقد :
٤٥٠٦ ـ ومرج الدّين فأعددت له |
|
مشرف الأقطار محبوك الكتد (٧) |
وقال آخر :
٤٥٠٧ ـ فجالت والتمست به حشاها |
|
فخرّ كأنّه خوط مريج (٨) |
وأصله من الحركة والاضطراب ، ومنه : مرج الخاتم في إصبعه وقال سعيد بن جبير ومجاهد : ملتبس.
__________________
(١) في الرازي : بمحسن.
(٢) وفيه : بغيره كالبيع وهو تحريف فالمقصود ما كتبه الناسخ.
(٣) وانظر في هذا كله تفسير أستاذنا الإمام الفخر الرازي ٢٨ / ١٥٣ و ١٥٤.
(٤) هذا قول البعض وقال ابن هشام في المغني : حرف وجود لوجود.
(٥) وهو رأى ابن السراج والفارسي وابن جني وجماعة ، وقال ابن مالك : بمعنى إذ وهو حسن لأنّها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة وانظر المغني ٢٨٠ والتسهيل ٩٢ ، و ٩٣ والهمع ١ / ٢١٥.
(٦) وقال أبو الفتح : بمعنى : «لَمَّا جاءَهُمْ» أي مجيئه إياهم كقولك : أعطيته ما سأل لطلبه أي : عند طلبه ومع طلبه. وانظر المحتسب ٢ / ٢١٢.
(٧) البيت من الرمل وهو لأبي دؤاد يصف فرسا والبيت رواية البحر وفي اللسان : الدّهر ، ويروى : الحارك بدل الأقطار وهو أعلى الكاهل والمحبوك المحكم الخلق ، والكتد : مجتمع الكتفين والمراد أن فيه استواء مع ارتفاع. وانظر البيت في اللسان «حبك» ٧٥٨ والبحر ٨ / ١٢١ والقرطبي ١٧ / ٥.
(٨) من الوافر لعمرو بن الداخل الهذلي وشاهده هو وما قبله في المرج بمعنى الخلط ، ورواية البيت كالتهذيب للأزهري وفي اللسان : غصن مريع أي غصن له شعب قصار قد التبست. وانظر التهذيب واللسان «مرج» والطبري ٢٦ / ٧٧٦ والدر المنثور ٧ / ٥٩٠ ومجمع البيان ٩ / ٢١١ والبحر ٨ / ١٢١ والقرطبي ١٧ / ٥ وديوان الهذليين ٣ / ٩٨.