قال القشيري : «والمارج» في اللغة : المرسل أو المختلط ، وهو فاعل بمعنى مفعول كقوله : (ماءٍ دافِقٍ) [الطارق : ٦] و (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٢١] ، والمعنى : «ذو مرج».
(مِنْ نارٍ) نعت ل (مارِجٍ).
وتقدم الكلام على قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ) إلى آخرها.
قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ).
العامة على رفعه.
وفيه ثلاثة أوجه (١) :
أحدهما : أنه مبتدأ ، خبره (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) ، وما بينهما اعتراض.
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي : «هو ربّ» أي : ذلك الذي فعل هذه الأشياء.
الثالث : أنه بدل من الضمير في «خلق».
وابن أبي عبلة (٢) : «ربّ» بالجر ، بدلا أو بيانا ل «ربّكما».
قال مكي (٣) : ويجوز في الكلام الخفض على البدل من «ربكما» ، كأنه لم يطلع على أنها قراءة منقولة.
و «المشرقان» : قيل : مشرقا الشتاء والصيف ومغرباهما.
وقيل : مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما (٤) ، وذكر غاية ارتفاعهما ، وغاية انحطاطهما إشارة إلى أن الطرفين يتناول ما بينهما كقولك في وصف ملك عظيم : (له المشرق والمغرب) فيفهم منه أن له ما بينهما (٥).
ويؤيده قوله تعالى : (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠].
قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) أي : خلّى وأرسل وأهمل ، يقال : مرج الناس السلطان ، أي : أهملهم ، وأصل المرج الإهمال كما تمرج الدّابة في المرعى ويقال : مرج خلط.
وقال الأخفش : ويقول قوم : أمرج البحرين مثل «مرج» فيكون «فعل وأفعل» بمعنى(٦).
و «البحرين» : قال ابن عباس رضي الله عنهما : بحر السماء ، وبحر الأرض (٧).
__________________
(١) ينظر الدر المصون ٦ / ٢٣٩.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٤٥ ، والبحر المحيط ٨ / ١٨٩ وزاد أبو حيان نسبتها إلى أبي حيوة وينظر الدر المصون ٦ / ٢٣٩.
(٣) الدر المصون ٦ / ٢٣٩.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٣٩.
(٥) ينظر : الرازي ٢٩ / ٨٨.
(٦) ينظر القرطبي ١٧ / ١٠٦.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٨٦) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٤) وعزاه للطبري.