وقال في الأوليين في صفة الحور : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ).
وفي الأخريين : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) ، وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان.
وقال في الأوليين : (ذَواتا أَفْنانٍ).
وفي الأخريين : (مُدْهامَّتانِ) أي : خضراوان كأنهما من شدة خضرتهما سوداوان ، وفي هذا كله بيان لتفاوت ما بينهما.
قال ابن الخطيب (١) : ويمكن أن يجاب الزمخشري بأن الجنتين اللتين من دونهما لذريتهم التي ألحقهم الله ـ تعالى ـ بهم ولأتباعهم لا لهم ، وإنما جعلها لهم إنعاما عليهم ، أي : هاتان الأخريان لكم ، أسكنوا فيهما من تريدون.
وقيل : إن المراد بقوله : (وَمِنْ دُونِهِما) أي : دونهما في المكان ، كأنهم في جنتين ، ويطلعون من فوق على جنتين أخريين ، بدليل قوله تعال : (لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [الزمر : ٢٠].
وقال ابن عباس : ومن دونهما في الدّرج (٢).
وقال ابن زيد : ومن دونهما في الفضل (٣).
وقال ابن عباس : والجنات لمن خاف مقام ربه ، فيكون في الأوليين : النخل والشجر ، وفي الأخريين : الزرع والنبات (٤).
وقيل : المراد من قوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) لأتباعه لقصور منزلتهم عن منزلة أحدهما للحور العين ، والأخرى للولدان المخلدون ليتميز بها الذكور من الإناث.
وقال ابن جريج : هي أربع جنات منها للسابقين المقربين فيها من كل فاكهة زوجان ، وعينان تجريان ، وجنات لأصحاب اليمين فيها فاكهة ونخل ورمان.
وقال أبو موسى الأشعري : جنتان منها للسّابقين ، وجنتان من فضّة للتابعين.
وقال عليه الصلاة والسلام : «جنّتان من فضّة ، آنيتهما وما فيهما ، وجنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم إلّا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عدن» (٥).
وقال الكسائي : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) أي : أمامهما وقبلهما.
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٩ / ١١٧.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦١٠).
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٦).
(٥) أخرجه البخاري (١٣ / ٤٣٣) كتاب التوحيد ، باب : وجوه يومئذ ناضرة (٧٤٤٤) ومسلم (١ / ١٦٣) كتاب الإيمان ، باب : إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم حديث (٢٦٦ / ١٨٠) من حديث أبي موسى.