التاسع : أن جواب الشرط ، قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) إلى آخره ، و «لوقعتها» خبر مقدم ، و «كاذبة» اسم مؤخر.
و «كاذبة» يجوز أن تكون اسم فاعل ، وهو الظّاهر ، وهو صفة لمحذوف ، فقدر الزمخشري (١) : «نفس كاذبة».
أي : أن ذلك اليوم لا يكذب على الله أحد ، ولا يكذّب بيوم القيامة أحد.
ثم قال : «و «اللام» مثلها في قوله : (قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤] ، أو ليس نفس تكذبها ، وتقول لها : لم تكوني كما لها اليوم نفوس كثيرة يكذبنها اليوم ، يقلن لها : لن تكوني ، أو هي من قولهم : كذبت فلانا نفسه في الخطب العظيم إذا شجعته على مباشرته ، وقالت له : إنك تطيقه وما فوقه ، فتعرض له ولا تبال به ، على معنى أنها وقعة لا تطاق شدة وفظاعة ، وأن لا نفس حينئذ تحت صاحبها بما تحدثه به عند عظائم الأمور وتزين له احتمالها وإطاقتها ؛ لأنهم يومئذ أضعف من ذلك وأذلّ ، ألا ترى إلى قوله : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) ، والفراش مثل في الضعف» (٢).
وقدره ابن عطية : «حال كاذبة».
قال (٣) : ويحتمل الكلام على هذا معنيين :
أحدهما : كاذبة أي : مكذوبة فيما أخبر به عنها ، فسماها كاذبة لهذا ، كما تقول : هذه قصّة كاذبة ، أي : مكذوب فيها.
والثاني : حال كاذبة أي : لا يمضي وقوعها ، كقولك : فلان إذا حمل لم يكذب.
والثالث : «كاذبة» مصدر بمعنى التّكذيب. نحو (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) [غافر : ١٩].
قال الزمخشري (٤) : وقيل : «كاذبة» مصدر ك «العاقبة» بمعنى التكذيب من قولك : حمل فلان على قرنه فما كذب ، أي فما جبن ولا تثبّط ، وحقيقته فما كذب نفسه فيما حدثته به من إطاقته له وإقدامه عليه وأنشد ل «زهير» : [البسيط]
٤٦٦٩ ـ .......... إذا |
|
ما اللّيث كذّب عن أقرانه صدقا (٥) |
أي : إذا وقعت لم يكن لها رجعة ولا ارتداد انتهى.
__________________
(١) الكشاف ٤ / ٤٥٥.
(٢) السابق.
(٣) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٢٣٨.
(٤) الكشاف ٤ / ٤٥٥.
(٥) البيت بتمامه :
ليث بعثّر يصطاد الرجال |
|
.......... |
ينظر شرح ديوان زهير ص ٥٤ ، وشرح المفصل ١ / ٦١ ، والكشاف ٤ / ٥١ ، وشرح شواهده ص ٤٦٩ ، والتاج ٦ / ٤٠٤ (صدق). والدر المصون ٦ / ٢٥٢.