أحدهما : ما أولاهم به من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطاما ليشكروه.
الثاني : ليعتبروا بذلك في أنفسهم كما أنه يجعل الزّرع حطاما إذا شاء ، وكذلك يهلكهم إذا شاء ليتّعظوا فينزجروا (١).
قوله : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ).
قرأ العامة : بفتح الظّاء ، بلام واحدة وقد تقدم الكلام عليها مستوفى في «طه» (٢).
وأبو حيوة وأبو بكر (٣) في رواية : بكسر الظاء.
وعبد الله الجحدري (٤) : «فظللتم» على الأصل بلامين ، أولاهما مكسورة.
وروي عن الجحدري : فتحها ، وهي لغة أيضا.
والعامة : «تفكّهون» بالهاء.
ومعناه : تندمون ، وحقيقته : تلقون الفكاهة من أنفسكم ، (ولا تلقى) (٥) الفكاهة إلّا من الحزن ، فهو من باب «تحرّج وتأثّم وتحوب» (٦).
وقيل : «تفكّهون». تتعجبون بذهابها ما نزل بكم في زرعكم. قاله عطاء والكلبي ومقاتل.
وقيل : تتندمون مما حلّ بكم. قاله الحسن وقتادة وغيرهما.
وقيل : تلاومون.
وقيل : تتفجّعون ، وهذا تفسير باللازم.
وقرأ أبو حزام (٧) العكلي : «تفكّنون» بالنون ، أي : تندّمون.
قال ابن خالويه : «تفكّه» تعجّب ، و «تفكّن» تندّم.
وفي الحديث : «مثل العالم كمثل الحمّة ، يأتيها البعداء ويتركها القرباء ، فبينا هم إذ غار ماؤها فانتفع به قوم ، وبقي قوم يتفكّنون» ، أي : يتندّمون (٨).
قال الفرّاء (٩) : والنون ، لغة عكل.
وفي الصحاح (١٠) : «التّفكّن» التندّم على ما فات.
وقيل : التفكّه : التكلّم فيما لا يعنيك.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٢.
(٢) آية ٩٧.
(٣) وقرأ بها عبد الله كما في المحرر الوجيز ٥ / ٢٤٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١١ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٤.
(٤) السابق.
(٥) سقط من ب.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٤.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢١١ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٤.
(٨) ينظر الكشاف ٤ / ٤٦٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٤.
(٩) ذكر القرطبي ١٧ / ٢١٩.
(١٠) ينظر المعجم الوسيط ٢ / ٦٩٩.