ومنه قيل للمزاح : فكاهة بالضّم.
فأما الفكاهة ـ بالفتح ـ فمصدر «فكه الرّجل» بالكسر ، فهو فكه إذا كان طيّب النفس مزّاحا (١).
قوله : (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ).
قرأ أبو بكر (٢) : «أئنّا» بالاستفهام ، وهو على أصله في تحقيق الهمزتين ، وعدم إدخال ألف بينهما.
والباقون : بهمزة واحدة على الخبر.
وقيل : هذه الجملة قول مقدر على كلتا القراءتين ، وذلك في محل نصب على الحال ، تقديره : فظلتم تفكهون قائلين ، أو تقولون : إنا لمغرمون ؛ أي : لملزمون غرامة ما أنفقنا ، أو مهلكون لهلاك رزقنا من الغرام وهو الهلاك (٣). قاله الزمخشري (٤).
ومن مجيء الغرام بمعنى الهلاك قوله : [الخفيف]
٤٦٩٧ ـ إن يعذّب يكن غراما وإن يع |
|
ط جزيلا فإنّه لا يبالي (٥) |
قال ابن عبّاس وقتادة : الغرام : العذاب (٦).
ومنه قول ابن المحلّم : [الطويل]
٤٦٩٨ ـ وثقت بأنّ الحلم منّي سجيّة |
|
وأنّ فؤادي مبتل بك مغرم (٧) |
وقال مجاهد وعكرمة : لمولع بنا (٨).
يقال : أغرم فلان بفلانة أي أولع بها ، ومنه الغرام ، وهو الشر اللازم.
وقال مجاهد أيضا : لملقون شرّا (٩).
وقال النحاس : «لمغرمون» مأخوذون من الغرام ، وهو الهلاك.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٢.
(٢) وقرأ بها الأعمش كما في المحرر الوجيز ٥ / ٢٤٩ ، والمفضل وزر بن حبيش كما في القرطبي ١٧ / ١٤٢ ، وينظر : البحر المحيط ٨ / ٢١١ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٤ ، والسبعة ٦٢٤ ، والحجة ٦ / ٢٦٢ ، وإتحاف ٢ / ٥١٧.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٤.
(٤) الكشاف ٤ / ٤٦٦.
(٥) تقدم.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٥٤) عن قتادة.
(٧) يروى الحفظ مكان الحلم.
ينظر السراج المنير ٤ / ١٩٣ ، والقرطبي ١٧ / ١٤٢.
(٨) ينظر المصدر السابق.
(٩) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٥٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٣٠) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.