وأمّا [الكتاب](١) فلا يمسّه إلّا طاهر.
قال ابن العربي (٢) : وهذا يقوي الحجة عليه ؛ لأن جرم الممنوع ممنوع ، وكتاب عمرو بن حزم أقوى دليل عليه.
وقال مالك : لا يحمله غير طاهر بعلامة ، ولا على وسادة.
وقال أبو حنيفة : لا بأس بذلك.
وروي عن الحكم وحماد وداود بن علي : أنه لا بأس بحمله ومسّه للمسلم والكافر طاهرا أو محدثا ، إلّا أن داود قال : لا يجوز للمشرك حمله ، واحتجوا في إباحة ذلك بكتاب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى «قصير» ، ولا حجة فيه لأنه موضع ضرورة.
والمراد بالقرآن : المصحف ، سمي قرآنا لقرب الجوار على الاتّساع ، ولأن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. أراد به المصحف.
قوله : (تَنْزِيلٌ).
قرأ العامة : بالرفع.
وقرأ بعضهم (٣) : «تنزيلا» بالنصب ، على أنه حال من النكرة ، وجاز ذلك لتخصصها بالصفة.
وأن يكون مصدرا لعامل مقدر ، أي : نزل تنزيلا. ط
وغلب التنزيل على القرآن.
وقوله : (مِنْ رَبِّ) يجوز أن يتعلق به على الأول لا الثاني ، لأن المؤكد لا يعمل ، فيتعلق بمحذوف ؛ لأنه صفة له.
وأما على قراءة (تَنْزِيلٌ) بالرفع ، فيجوز الوجهان (٤).
قال القرطبي (٥) : «تنزيل» أي : منزل ، كقولهم : «ضرب الأمير ، ونسج اليمن».
وقيل : «تنزيل» صفة لقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ).
وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو «تنزيل».
قال ابن الخطيب (٦) : قوله «تنزيل» مصدر ، والقرآن الذي في كتاب ليس بتنزيل ، إنما هو منزل لقوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) [الشعراء : ١٩٣] ، فنقول : ذكر المصدر ،
__________________
(١) في ب : كتابه.
(٢) ينظر : أحكام القرآن ص ١٧٣٩.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٨.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٨.
(٥) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٧.
(٦) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ١٧٠.