فجعل «إذا» شرطية ، وقوله بالأجوبة يعني ل «إذا» ، ول «إن» في قوله : (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
والبيانات : يعني الأفعال التي حضض عليها ، وهي عبارة قلقة (١).
قال أبو حيان (٢) : «و «إذا» ليست شرطا ، بل ظرفا يعمل فيها «ترجعونها» المحذوف بعد «فلو لا» لدلالة «ترجعونها» في التحضيض الثاني عليه ، فجاء التحضيض الأول مقيدا بوقت بلوغ الحلقوم ، وجاء التّحضيض الثاني معلقا على انتفاء مربوبيتهم ، وهم لا يقدرون على رجوعها ، إذ مربوبيتهم موجودة فهم مقهورون ، لا قدرة لهم». انتهى.
فجعل «ترجعونها» المذكور ل «لو لا» الثانية ، وهو دال على محذوف بعد الأولى ، وهو أحد الأقوال التي نقلها أبو البقاء فيما تقدم (٣).
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
شرط آخر ، وليس هذا من اعتراض الشرط على الشرط نحو : «إن ركبت إن لبست فأنت طالق» حتى يجيء فيه ما تقدم في هذه المسألة ؛ لأن المراد هنا : إن وجد الشرطان كيف كانا فهل رجعتم بنفس الميت (٤)؟.
[وقال القرطبي (٥) : (تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يرجع الروح إلى الجسد إن كنتم صادقين ، أي : ولن ترجعونها فبطل](٦) زعمكم أنكم غير مملوكين ، ولا محاسبين ، و «ترجعونها» جواب لقوله تعالى : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) ، ولقوله : (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) وأجيبا بجواب واحد. قاله الفرّاء (٧) ، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد ، ومنه قوله تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٣٨] ، أجيبا بجواب واحد ، وهما شرطان.
والمعنى : إن كان الأمر كما تقولون : إنه لا بعث ، ولا حساب ، ولا إله يجازي ، فهلّا تردون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم؟ وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله عزوجل. قاله البغوي (٨).
وقيل : حذف أحدهما لدلالة الآخر عليه.
وقيل : فيها تقديم وتأخير ، مجازها : «فلو لا وهلا إن كنتم غير مدينين ترجعونها تردّون نفس الميت إلى جسده إذا بلغت الحلقوم» (٩).
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٢٧٠.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢١٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٠.
(٤) ينظر السابق.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٥٠.
(٦) سقط من ب.
(٧) ينظر : معاني القرآن له (٣ / ١٣٠).
(٨) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٢٩١.
(٩) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٥٠.