هذه «اللام» متعلقة بمعنى الجملة الطّلبية المتضمنة لمعنى الشرط ، إذ التقدير : إن تتقوا الله ، وتؤمنوا برسوله يؤتكم كذا وكذا لئلا يعلم (١).
وفي الآية هذه وجهان (٢) :
أشهرهما عند النحاة والمفسرين : أنها مزيدة كهي في (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف: ١٢] و (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) [يس : ٣١]. على خلاف في هاتين الآيتين.
والتقدير : أعلمكم الله بذلك ليعلم أهل الكتاب عدم قدرتهم على شيء من فضل الله ، وثبوت أن الفضل بيد الله ، وهذا واضح بيّن ، وليس فيه إلا زيادة ما ثبتت زيادته شائعا ذائعا.
والثاني : أنها غير مزيدة ، والمعنى : لئلا يعلم أهل الكتاب [عجز المؤمنين. نقل ذلك أبو البقاء (٣) ، وهذا لفظه.
وكان قال قبل ذلك : «لا» زائدة ، والمعنى : ليعلم أهل الكتاب](٤) عجزهم.
وهذا غير مستقيم ؛ لأن المؤمنين عاجزون أيضا عن شيء من فضل الله ، وكيف يعمل هذا القائل بقوله : (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) ، فإنه معطوف على مفعول العلم المنفي ، فيصير التقدير : لئلا يعلم أهل الكتاب أنّ الفضل بيد الله ، وهذا لا يستقيم نفي العلم به ألبتة ، فلا جرم كان قولا مطرحا.
وقرأ العامة : «لئلّا» بكسر لام كي ، وبعدها همزة مفتوحة مخففة.
وورش يبدلها ياء محضة (٥). وهو تخفيف قياسي نحو : «مية وفية» في «مئة وفئة» ويدل على زيادتها قراءة عبد الله (٦) ، وابن عباس ، وعكرمة ، والجحدري ، وعبد الله بن سلمة : «ليعلم» بإسقاطها.
وقراءة حطّان بن عبد الله (٧) : «لأن يعلم» بإظهار «أن».
والجحدري أيضا والحسن : «ليعلم».
وأصلها كالتي قبلها «لأن يعلم» فأبدل الهمزة ياء لانفتاحها بعد كسرة ؛ وقد تقدم أنه قياسي كقراءة ورش «ليلّا» ثم أدغم النون في الياء.
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٢٨٢.
(٢) الدر المصون ٦ / ٢٨٢.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢١١.
(٤) سقط من أ.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٢.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٧١ ، وقال ابن عطية : وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس : «كي يعلم» ، وروي عن ابن عباس : «لكيلا يعلم» ، وينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٢٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٢.
(٧) ينظر : السابق ، والقرطبي ١٧ / ١٧٣.