يس. وأما قوله (نُحْيِي وَنُمِيتُ) فالمراد من الإحياء الإحياء أولا ، وقوله : (وَنُمِيتُ) إشارة إلى الموتة الأولى و (إِلَيْنَا الْمَصِيرُ) بيان للحشر. وهذا إشارة إلى قدرته على الحشر (١).
قوله : (يَوْمَ تَشَقَّقُ) يجوز أن يكون بدلا من (يَوْمَ) قبله (٢). وقال أبو البقاء : إنه بدل من (يَوْمَ) الأوّل (٣). وفيه نظر من حيث تعدد البدل والمبدل منه واحد. وقد تقدم أنّ الزّمخشريّ منعه.
ويجوز أن يكون «اليوم» ظرفا للمصير (٤) أي يصيرون إلينا يوم تشقّق الأرض. وقيل ظرف للخروج. وقيل منصوب ب «يخرجون» مقدرا (٥).
وتقدم الخلاف في (تَشَقَّقُ) في الفرقان (٦).
وقرأ زيد بن علي : (تَشَقَّقُ) بفك الإدغام (٧).
قوله : (سِراعاً) حال من الضمير في (عَنْهُمْ) والعامل فيها (تَشَقَّقُ).
وقيل : عاملها هو العاقل في (يَوْمَ تَشَقَّقُ) المقدّر أي يخرجون سراعا يوم تشقّق (٨) ؛ لأن قوله تعالى : (عَنْهُمْ) يفيد كونهم مفعولين بالتشقق ، فكأن التشقق عدّي (٩) بحرف الجر ، كما يقال : «كشفت عنه فهو مكشوف» ، فيصير (سِراعاً) هيئة المفعول كأنه قال : مسرعين.
والسراع جمع سريع ، كالكرام جمع كريم (١٠). وقوله : (ذلِكَ) يحتمل أن يكون إشارة إلى التّشقّق عنهم وإشارة إلى الإخراج المدلول عليه بقوله : (سِراعاً) ، ويحتمل أن يكون معناه ذلك الحشر حشر يسير (١١). والحشر الجمع.
قوله : (عَلَيْنا) متعلق ب (يَسِيرٌ) ففصل بمعمول الصّفة بينها وبين موصوفها. ولا يضرّ ذلك (١٢). ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال منه ؛ لأنه في الأصل يجوز أن يكون نعتا.
__________________
(١) الرازي المرجع السابق.
(٢) السابق وأبو حيان في البحر ٨ / ١٣٠.
(٣) التبيان ١١٧٧.
(٤) التبيان المرجع السابق والبحر المحيط السابق أيضا.
(٥) قال بها دون تحديد من قال بهما أبو حيان في البحر ٨ / ١٣٠ و ١٣١.
(٦) عند قوله : «يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ» وهي الآية ٢٥ منها ، فقد قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر «تَشَقَّقُ» بتشديد القاف فقط. وانظر السبعة ٦٠٧ و ٦٠٨ والإتحاف ٣٩٩ كما قرىء : تشقّق بضم التاء مضارع شقّقت على البناء للمجهول كما قرىء : تنشق مضارع انشقت ، وكلتا القراءتين الأخيرتين من الشواذ ولم ينسبها لأحد أبو حيان في البحر ٨ / ١٣٠.
(٧) ذكرها أبو علي الأهوازي في قراءة زيد بن علي من تأليفه وانظر المرجع السابق.
(٨) البحر السابق والتبيان ١١٧٧.
(٩) في النسختين عدّي وفي الرازي : عند الخروج من القبر.
(١٠) وانظر الرازي ٢٨ / ١٩٠.
(١١) السابق أيضا.
(١٢) وحسن ذلك كون الصفة فاصلة.