وقال الزمخشري : التقديم للاختصاص ، أي لا يتيسّر (١) ذلك إلا على الله وحده أي هو علينا هيّن لا على غيرنا وهو إعادة جواب لهم.
قوله تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) يعني كفار مكة في تكذيبك ، وهذا تسلية للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ويحتمل أن يكون تهديدا وتخويفا لأن قوله : (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) ظاهر في التهديد ، وبالعلم يكمل. ونظيره قوله تعالى : ثم إليه مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (٢).
ويحتمل أن يكون تقريرا لأمر الحشر بالعلم ؛ لأنه لما بين أن الحشر يسير لكمال قدرته ونفوذ إرادته ، ولكن تمام ذلك بالعلم الشامل حتى يبين جزء زيد وجزء بدن (٣) عمرو ، فقال : (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) لكمال قدرتنا ، ولا يخفى علينا الأجزاء لكمال علمنا.
وقوله : (أَعْلَمُ) إما ليست للمشاركة في أصل الفعل (٤) كقوله : (وَهُوَ أَهْوَنُ (٥) عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] أو معناه نحن أعلم به من كل عالم بما يعلمه (٦).
قوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) أي بمسلّط تجبر على الإسلام ، وهذا تسلية للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي أنك لست حفيظا عليهم ، ومكلفا بأن يؤمنوا ، إنما أنت منذر ، وقد فعلت ما أمرت به.
قال المفسرون : هي منسوخة بآية القتال.
قوله : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) تقدّم الخلاف في ياء (وَعِيدِ) [ق : ١٤] إثباتا وحذفا. والمعنى دم على الإنذار ولا تترك الهداية بالكلية ، بل ذكّر المؤمنين فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
وقوله : (بِالْقُرْآنِ) أي اتل عليهم القرآن ليحصل لهم المنفعة بسبب ما فيه أو فذكّر بالقرآن بين به أنك رسول الله لكونه معجزا ، أو يكون المراد فذكر بمقتضى ما في القرآن من الأوامر الواردة بالتبليغ والتذكير. وفي قوله : فذكر إشارة إلى أنه مرسل مأمور بالتذكير
__________________
(١) قال في الكشاف : «وتقديم الظرف يدل على الاختصاص ، يعني لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا على القادر الأعلى القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن» الكشاف ٤ / ١٢.
(٢) من الآية ٧ من الزمر وانظر الرازي ٢٨ / ١٩١ وتصحيح الآية : ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ. فقد خلط بين آيتي يونس ٢٣ وبين تلك الآية.
(٣) كذا في النسختين وفي الرازي : حتى يميز بين جزء بدنين ، جزء بدون زيد وجزء بدون عمرو.
(٤) أي لا تكون للتفضيل مطلقا.
(٥) أي هيّن.
(٦) فتكون للتفضيل. و «ويعلمه» هو لفظ الرازي وهو الأصح وفي النسختين : يعمله.