وفي هذا الجمع نظر ، بل الجمع بالاستحباب أظهر ؛ لشدّة الاختلاف فيما مرّ مع كون الجميع لراوٍ واحد ، ويشير إليه الخبر الأخير ؛ للتخيير أوّلاً بين العددين في الصدر ، ثم التحديد بالثلاثة أشهر بعد سؤال الراوي.
وبالجملة : الظاهر بُعد ما مرّ من الجميع.
كالجمع المحكي عن أكثر من تأخّر (١) تبعاً للحلي والطوسي (٢) ممن تقدّم ، و ( محصّله : ) التقدير بمدّة يعلم ( انتقالها ) فيها ( من طهر إلى آخر ) بحسب عادتها ، وتحمل اختلاف النصوص على اختلاف عادات النساء في الحيض ، فذو العادة شهراً مدّة طلاقها التقدير الأوّل ، وذو الثلاثة : الثاني ، وذو الخمسة أو الستّة : الثالث.
ولا شاهد عليه سوى الشهرة المتأخّرة ، وليست بنفسها حجّة ، مع استلزامه حمل أخبار الثلاثة وكذا الخمسة أو الستة على الفروض النادرة مع ورودها بعنوان القاعدة الكلّية.
والذي يقتضيه التدبّر في النصوص قوّة القول الأول ؛ لاستفاضتها ، بل وعن العماني (٣) دعوى تواترها ، مع صحة أكثرها ، ووضوح دلالتها على العموم ، سيّما بملاحظة سياقها الذي كاد أن يلحقها بالخصوص.
وقصورِ الأخبار المقيِّدة سنداً في بعض ، ودلالةً في آخر ، وعدداً في الجميع ، مع اختلافها في نفسها ، ووضوح قرائن الاستحباب منها زيادةً على الاختلاف ، فحملها على الاستحباب ليس بذلك البعيد ؛ لرجحانه هنا لما مضى على التقييد.
__________________
(١) حكاه عنهم الشهيد في المسالك ٢ : ٦ وكذا صاحب الحدائق ٢٥ : ١٨٧.
(٢) الحلي في السرائر ٢ : ٦٩٠ ، الشيخ في النهاية : ٥١٧.
(٣) كما حكاه عنه في المختلف : ٥٨٧.