وبه صرّح شيخنا في النهاية (١) ، ولعلّ هذا أيضاً مراد بعض متأخّري الطائفة (٢) من اعتباره في صحة الإشهاد علم الشاهدين بالمطلِّق والمطلَّقة ، ولو أراد العلم بهما من جميع الوجوه لكان بعيداً غاية البُعد ، بل فاسداً بالضرورة ؛ لاستلزامه تقييد الأدلّة من غير دلالة ، مع استلزام مراعاته الحرج المنفي عنه آيةً وروايةً ، ومخالفته الطريقة المستمرة بين الطائفة.
مع اندفاعه بخصوص الصحيحين ، في أحدهما : عن رجل تزوّج أربع نسوة في عقدة واحدة ، أو قال : في مجلس واحد ، ومهورهنّ مختلفة؟ قال : « جائز له ولهنّ » قلت : أرأيت إن خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد ، وهم لا يعرفون المرأة ، ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة المطلّقة ، ثم مات بعد ما دخل بها ، كيف يقسّم ميراثه؟ قال : « إن كان له ولد فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من تلك البلاد ربع ثمن ما ترك » الخبر (٣) ، ونحوه الآخر (٤).
وربما أشعر بذلك عموم أخبار صحة طلاق الغائب ؛ لكون الغالب في شهوده عدم المعرفة بالمطلَّقة ، وسيّما إذا كان الغيبة إلى البلاد البعيدة.
وبالجملة : الظاهر من الأدلّة كفاية المعرفة بنحو من الاسم أو الإشارة ، من دون لزوم مبالغة تامّة في المعرفة.
__________________
(١) النهاية : ٥٠٩.
(٢) كالسبزواري في الكفاية : ٢٠١.
(٣) الكافي ٧ : ١٣١ / ١ ، التهذيب ٨ : ٩٣ / ٣١٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٩ ح ١.
(٤) التهذيب ٩ : ٢٩٦ / ١٠٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٨ أبواب ميراث الأزواج ب ٩ ذيل الحديث ١.