وفي الترتيب بينهما بتقديم الوعظ وتأخير الهجر عنه بما ورد في الصحاح من الأمر بالبدأة بما بدأ الله تعالى (١) ، ومعه لا يمكن الجمع ؛ إذ مع الوعظ إمّا تنجع وتطيع ، فليس له عليها بعد ذلك سبيل بنصّ ذيل الآية والإجماع والاعتبار ؛ وإمّا أن لا ينجع ، فيجوز حينئذٍ الهجر ، وهو عين الترتيب المتقدّم.
وفي عدم الضرب إلاّ مع تحقّق النشوز الإجماع (٢) المحكيّ عن المبسوط والخلاف (٣) ؛ وعُلِّل أيضاً بعدم جواز العقوبة إلاّ على فعل محرّم ، وليس بدون تحقّق النشوز (٤). وبهما ولا سيّما الأول يصرف الآية الظاهرة في ترتّب الضرب على ظهور أمارة النشوز عن ظاهرها.
ولا دليل يعتدّ به على شيء ممّا تقدّم من الأقوال ، والأصحّ ما قلناه ، وفاقاً لمن ذكرنا.
لكن المحكيّ عنهم جواز الضرب ابتداءً بتحقّق النشوز من دون سبق الوعظ والهجر (٥) ؛ ووُجِّه بدلالة ظاهر الآية على التخيير بينه وبينهما ، أو الجمع من غير تقييد (٦). وفيه نظر ، والأحوط مراعاة الترتيب هنا أيضاً.
وهنا قول آخر اختاره بعض الأفاضل تبعاً للتحرير (٧) ، وهو ما قاله
__________________
(١) التهذيب ١ : ٩٧ / ٢٥٢ ، الإستبصار ١ : ٧٣ / ٢٢٤ ، الوسائل ١ : ٤٥٠ أبواب الوضوء ب ٣٥ ح ١.
(٢) كذا في الأصل ، وفي « ح » : بالإجماع ، ولعلّه الأنسب.
(٣) حكاه عنهما في كشف اللثام ٢ : ١٠٠ ، وهو في المبسوط ٤ : ٣٣٧ ، الخلاف ٤ : ٤١٦.
(٤) قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٠.
(٥) حكاه عنهم الشهيد في المسالك ١ : ٥٧١.
(٦) المسالك ١ : ٥٧١.
(٧) التحرير ٢ : ٤٢ ، واختاره صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٢٦ ٤٢٧ ، مفاتيح الشرائع ٢ : ٣٠١.