قلّتهم في الشركاء. ولما خرج الملائكة بعد استماعهم كلام داود وحكمه ، انتقل داود في تفكيره من هذا الأمر الى التفكير بنفسه وحاله مع (أوريا) أحد قوّاده. وقصّته معه قد ذكرها المفسّرون بعناوين مختلفة بحيث لا يليق إسناد بعضها إلى عوام المسلمين بل إلى جهلة الفسّاق فكيف بالأنبياء العظام؟ ومن أرادها فليطلبها من التفاسير المفصّلة ونحن أشرنا إليها للتّحذير منها والتنبيه على بطلانها وعلى أنها بتلك الكيفيّة من وضع الزّنادقة واليهود ونحن نعرض عن حديثها في مرحلة الحكاية حتى لا نكون من المشابهين للقصّاصين. قال مولانا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسلام : من حدّثكم بحديث داود عليهالسلام على ما يرويه القصّاص جلدته مائة وستّين جلدة ، وهو حدّ الفرية على الأنبياء عليهمالسلام ... وفي المقام ورد حديث نذكره ردّا لما يرويه الزنادقة وهو ما في العيون للرضا سلام الله عليه في حديث عصمة الأنبياء قال : لمّا رويت هذه الرواية الكاذبة للرّضا عليهالسلام ضرب الرّضا يده على جبهته وقال : إنّا لله وإنا إليه راجعون. لقد نسبتم نبيّا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في إثر الطّير ، ثم بالفاحشة ثم بالقتل. فقيل له : يا مولاي ، فما كانت خطيئة داود فقال ويحك إن داود عليهالسلام ظنّ أنّه ما خلق الله عزوجل خلقا أعلى منه. فأرسل الله إليه الملكين فتسوّرا المحراب وقالا له : خصمان بغى بعضنا على بعض إلى نهاية القول ، فقال داود عليهالسلام : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) وكأنه حكم للمدّعي قبل سماع كلام المدّعى عليه ، ولم يقبل على المدعى عليه فيسمع منه ؛ هذه كانت خطيئته ، وليس كما ذهبتم إليه. ألا تسمع قول الله تعالى يقول (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ)؟ فقيل له : يا ابن رسول الله ما قصّته مع أوريا؟ قال الرّضا عليهالسلام : كانت المرأة في أيّام داود إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوّج بعده أبدا. فأوّل من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها هو داود ، فقد تزوّج بامرأة أوريا لما