تقتضي لقرينه في الولادة كالصعلوك اقتضاء واحدا وليس كذلك وجدانا. فعدم هذا الاقتضاء الواحد دليل على عدم كونها مؤثّرة وعلة ، ولا مؤثّر في الوجود إلّا هو تعالى. ونعم ما قال الشّاعر :
فلا السّعد يقضي به المشتري |
|
ولا النّحس يقضي علينا زحل |
ولكنه حكم ربّ السّماء وقاضي القضاة تعالى وجلّ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي في بسط الرزق وقبضه دلالات واضحات وبراهين ساطعات (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يصدّقون بالتوحيد وبأنه الباسط والقابض لأنّهم المنتفعون هم وحدهم بهذه الآيات دون غيرهم ، وروي أنّ جماعة من مشركي مكّة الذين صدر منهم القتل والنهب والزّنى والسّرقة وأنواع المعاصي والملاهي جاءوا إلى النبيّ وقالوا : يا رسول الله نحن فعلنا كذا وكذا من المعاصي ، واعترفوا بمآثمهم وخطاياهم الكثيرة ، ونحن نؤمن بما جئتنا بشرط أن الله يغفر ما تقدّم من ذنوبنا ، فنزلت الكريمة التالية :
* * *
(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ