مكائده في إبطال آيات موسى بحملها على السّحر ، أو بناء الصّرح ، أو تكذيب موسى بأن له إلها غير فرعون ، وتلبيس المطالب على النّاس بتلك التمويهات ، فجميع هذه المكائد الفرعونيّة لا تفيده ولا تنجيه إلّا أنها موجبة لهلاكه وخسارته الدّنيوية والأخرويّة. ثم إن حزقيل في جميع مناسبات فرعون وحفلاته ودخول موسى عليه أو خروجه من عنده أو غير ذلك ، كان حاضرا لأنه ظاهريا كان منهم ومن رجال التشاور لأنّه من أقرباء فرعون ومن القبطيّين وكان عريفا ، ولذا كان مسموع القول فيهم. والحاصل أنه إذا أحسّ بتوجّه أدنى ضرر على موسى أقدم على دفعه بكيفيّة عقلانيّة بحيث لا يلتفت القوم أنّه معه ، فلمّا رأى أنّ فرعون في مقام تمويه الأمر وتسويل المطلب على القوم قام وأخذ في تنبيههم بالموعظة الحسنة والنصائح الشافية الكافية كما حكى الله تعالى مقالاته في ما يلي :
* * *
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١)