كفعل ذوي العقول فلذا استعمل فيها صيغة جمع ذوي العقول ، أو أنها لها أنفس تعقل ونفس الآية الكريمة تؤيّد هذا القول ، وقوله تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) من صيغ القلب ، فإنها إذا تقلب هذه الحروف تكون عين المقلوب منه. وللكراجكي كلام لا بأس بالاشارة إليه في المقام ، فإنه ذهب إلى أن الأفلاك غير السماوات كما هو ظاهر بعض الأحاديث الواردة عنهم عليهمالسلام وبالجملة قال في فصل عقده في ذكر هيئة العالم : اعلم أن الأرض على هيئة الكرة ، والهواء يحيط بها من كل جهة ، والأفلاك تحيط بالجميع إحاطة استدارة ، وهي طبقات يحيط بعضها ببعض. ثم عدّ أفلاك السيّارات ثم قال : ويحيط بهذه الأفلاك السّبعة فلك الكواكب الثابتة وهي جميع ما يرى في السّماء غير ما ذكرناه ، ثم الفلك المحيط الأعظم المحرّك جميع هذه الأفلاك ، ثم السمّاوات السّبع تحيط بالأفلاك ، وهي مساكن الأفلاك ومن رفعه الله تعالى إلى سمائه من أنبيائه وحججهم عليهمالسلام. وللجميع نهاية. انتهى موضع الحاجة من كلامه وقد ذكرناه ليكون الطالب على بصيرة في الجملة في الأمور السّماويّة. ثم أنه تعالى لمّا بيّن فنون نعمه الدالة على وجوب العبوديّة له وكمال قدرته أخذ يذكر بعضا آخر من أنواع نعمه فقال :
* * *
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ