سنة. فلو كانت الشمس في سرعته تختلّ فصول السنة عن وضعها الطبيعيّ فيقع الخلل بتكوّن النباتات وأثمار الأشجار من حيث الوجود والنضج ويؤثر ذلك على الحيوانات. وإن قيل إن المراد من الإدراك هو الإدراك في مقامه ومرتبته ، فالأمر أفسد وأشكل لأن القمر في الفلك الأوّل باصطلاح قدماء الهيويّين ، والشمس في الرابع من الأفلاك السبّعة فتختلّ الأمور السماويّة والأرضيّة عن أوضاعها المطبوعة عليها المخلوقة على طبق المصالح العامّة الإلهيّة التي لا يعلمها إلّا هو سبحانه وتعالى (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي ولا يسبق الليل النهار ولا يجتمعان فيكون ليلتان ليس بينهما يوم بل يتعاقبان ولا يخفى أن الشمس لما كانت لا تقطع فلكها إلّا في طول السنة بخلاف القمر فإنه يقطع فلكه في كل شهر فلذا اتّصفت الشمس لتباطئها بالإدراك والقمر لسرعته بالسّبق. قال العياشي في تفسيره ما حاصله أنه سأل الفضل بن سهل في مجلس المأمون في خراسان الإمام الرضا عليهالسلام أنه : هل النهار خلق أوّلا أو الليل؟ فقال (ع) : من القرآن أجيب أم من الحساب؟ قال : منهما. فقال عليهالسلام : أمّا من الحساب فاعلم أن طالع الدنيا كان السرطان حينما كانت الكواكب في شرف الارتفاع فكان زحل في الميزان والمشتري في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور ، وهذا يدلّ على كينونة الشمس في الحمل في وسط السماء ، فاليوم كان قبل اللّيل مخلوقا. وأمّا من القرآن فقرأ الكريمة : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) إلخ .. (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) السباحة هي السير والحركة الانبساطيّة الطبيعية ، كسير الأسماك وحركتها في المياه. أي أن الشمس والقمر والنجوم في مدارها وفي أفلاكها تسير بانبساط وسهولة ، وكلّ من انبسط في شيء فقد سبح فيه ، ومنه السّباحة في الماء. قال ابن عباس كلّ من الشمس والقمر والكواكب يجري في فلكه كما يجري المغزل في فلكته ، أي يدور في مداره ، وفلك الشيء مداره. ولما كان سير النّيرين وسائر الكواكب في مدارها ، في الانتظام والإتقان ، على نسق