من لم نتل عليك ذكره كما قال سبحانه (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) واختلفت الأخبار في عدد الأنبياء ، ففي الخصال عنهم عليهمالسلام أنّ عددهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا وفي بعض الروايات أن عددهم ثمانية آلاف نبيّ ، أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من غيرهم ، والمذكورة قصصهم أفراد قليلون ، والمشهور من عددهم عليهمالسلام هو ما في الخصال (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فإن المعجزات مواهب وعطايا قسّمها الله بينهم على ما اقتضت الحكمة والمصلحة بحسب الأزمان والأعصار ، وعلى مقتضى شؤون الرّسل ومراتبهم كما قلنا سابقا من أن كلّ عصر يقتضي نبيّا ومعجزة مناسبة لذلك الزّمان ولذاك النبيّ ، ولا اختيار للرّسل في اختيار معجزة دون أخرى ولا حق لهم في إيثار بعض على الآخر ، أو الإتيان بالمقترح بها. فلا جرم ليس للناس دخل في إيثار شخص للنبوّة دون شخص ولا في اختيار معجزة واقتراحها على النبيّ ثم قال (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالعذاب عاجلا أو آجلا (قُضِيَ بِالْحَقِ) أي حكم بالعدل بين المحق والمبطل بإنجاء الأوّل وتعذيب الثاني. وهذا وعيد وردّ عقيب اقتراحهم الآيات بعد ظهور ما يغنيهم عنها ، ولذا يقول سبحانه (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) أي المعاندون باقتراح الآيات. ثم إنّه تعالى لإلزام قريش وإتمام السلطان عليهم شرع في تعداد نعمه العظيمة عليهم ، فإن المنعم بنعمة يعدّ محسنا ، وجزاء إحسان المنعم هو شكر نعمه من حيث وصف منعميّته ، ومن حيث وصف محسنيّته هو الإحسان إليه ، ولا بدّ من أن يكون الإحسان إلى كلّ محسن له بحسب ما يليق بشأنه فالإحسان إلى الملك لا بدّ أن يكون مناسبا لمقام الملوكيّة كجوهرة عديمة النظير ، وفي غاية النّدرة مثلا ، وإلى الوزير كتقديم قرية أو قصر جميل في غاية النضارة والحسن ، إلى أن ينتهي الأمر إلى التاجر والكاسب وهذا من مخلوق محتاج إلى مثله محتاج آخر ، وأمّا منه إلى الخالق الغنيّ المطلق الذي لا يتعقّل في ساحته وصقع ذاته احتياج أبدا فالإحسان