في مورد آخر نتعرض إجمالا لذلك التفصيل إن شاء الله تعالى. ولمّا كان الإتيان بالوظائف الشرعيّة المقرّرة الراجعة إلى الماديّات تكليفا شاقّا على نفوس نوع البشر ولا سيّما على غير المؤمنين منهم ، فلذا اختصّ سبحانه عدم إتيانهم الزكاة بالذكر ، وإلّا كانت الصّلاة من حيث الوظائف المقرّرة الشرعيّة أهمّها وأعظمها عنده سبحانه ، والدليل على ما قلناه في وجه التخصيص أنّنا نرى من المؤمنين من يصلّي ويصوم ويحجّ ، لكنّه في المقرّرات الشرعيّة الرّاجعة إلى الأمور الماديّة غير عامل بشيء منها أو يعمل ببعض دون بعض ، فكيف بمن لا يؤمن بالله ولا برسوله ولا بالشريعة؟ ويمكن أن يكون وجه الاختصاص بالزكاة دون الصلاة والصّوم وسائر العبادات لأن منعهم للزكاة يكشف عن صفة الشّح والحرص ، والله تعالى يريد أن يعرّفهم بأنّهم من المتّصفين بتلك الصفة الدنيئة الخسيسة الرذيلة ، فلذا وصفهم بهذه الصفة أي منعهم للزكاة الذي يكشف عن بخلهم وعدم إشفاقهم على بني نوعهم مضافا إلى أنّ ذمّهم بذلك موجب لرغبة المؤمنين في ألّا يشاركوا المشركين كيلا يشتركوا معهم في الذم ويحسبوا من المانعين للزكاة وفي الرواية : البخيل بعيد من الله وبعيد عن الناس وبعيد عن الجنّة ، والجواد قريب من الله وقريب الى النّاس وقريب إلى الجنة. وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : الزكاة قنطرة الإسلام ، من عبرها نجا. وفي بعض الرّوايات : إنّ ليوم القيامة مواقف أشدّها بعد موقف الصلاة هو موقف الزكاة ، ولذا جعلت الزكاة قرينة الصلاة في كتابه العزيز عزّ وعلا. (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) تكرار الضّمير لتأكيد كفر المشركين بالخصوص بعالم البعث والحساب. وظاهر الشريفة يدل على أنّ الكفّار مكلّفون فروعا وأصولا خلافا للبعض من الأعاظم وتبعا لظاهر بعض الرّوايات. ثم إنه سبحانه وتعالى بعد وعيد الكفّار ذكر وعد المؤمنين في الآيات التالية :
* * *