تزول ، وتبقى في أربعة أيّام سواء ، يعني في أربعة أوقات ، وهي التي يخرج الله عزوجل فيها أقوات العالم من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض وما في البرّ والبحر من الخلق ، من الثمار والنّبات والشجر وما يكون فيها معاش الحيوان كلّه وهو الرّبيع ، والصّيف ، والخريف ، والشتاء ، ففي الشتاء يرسل الله الرياح والأمطار والأنداء والطّلول من السّماء فيلقّح الأرض والشجر وهو وقت بارد. ثم يجيء بعد الربيع وهو وقت معتدل حارّ وبارد ، فيخرج الثمر من الشجر وتعطي الأرض نباتها فيكون أخضر ضعيفا ثم يجيء وقت الصّيف وهو حار فتنضج الثّمار وتصلب الحبوب التي هي أقوات العالم وجميع الحيوان. ثم يجيء بعد وقت الخريف فيطيّبه ويبرّده ولو كان الوقت كلّه شيئا واحدا لم يخرج النبات من الأرض لأنّه لو كان الوقت كلّه ربيعا لم تنضج الثّمار ولم تبلغ ، ولو كان كلّه صيفا لاحترق كلّ شيء في الأرض ولم يكن للحيوان معاش ولا قوت ولو كان الوقت كلّه خريفا ولم يتقدمه شيء من هذه الأوقات لم يكن شيء يتقوّته العالم فجعل الله هذه الأقوات في أربعة أوقات في الشتاء والخريف والربيع والصيف ، وقام به العالم واستوى وبقي. وسمّى الله هذه الأوقات أيّاما للسّائلين يعني المحتاجين ، لأنّ كلّ محتاج سائل. وفي العالم من خلق الله من لا يسأل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير فهم سائلون يعني بلسان الحال وان لم يسألوا بلسان مقالتهم (سَواءً) أي الأربعة متساوية ليس لواحد على الآخر زيادة ولا منه نقيصة. ونصبه على الحال من أربعة أيام ، و (لِلسَّائِلِينَ) هذا الحصر جواب لجماعة يسألونك عن ان خلق الأرض وتقدير ما فيه في أيّ مقدار من الزمان؟ ويحتمل أن يتعلّق الجارّ ومجروره (وَقَدَّرَ) أي تقديره الأقوات للذين يسألون أرزاقهم. وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : إنّ الله سبحانه خلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق الأشجار والمياه يوم الأربعاء ، فتلك الأيام الأربعة. وخلق