المتصعصعات عليهم بحيث صاروا من الرّيح مستأصلين لأن الريح كانت تحركهم من مكانهم ومواقفهم يمينا وشمالا وترميهم على الجدران والأشجار والصّخور والجبال فتهلكهم ، وكان جريان الأرياح إلى سبع ليال وثمانية أيام. ونقل أنّه قبل هبوب الأرياح المدهشة المهلكة انقطع عنهم الأمطار سبع سنوات وحدث فيهم قحط شديد بحيث ما بقي فيهم حيوان إلّا وقد أكلوه بل صاروا يعيشون بأكل أوراق الأشجار وحشرات البراري وسباع الجبال يصطادونها ويأكلونها وكثير منهم ماتوا بذلك القحط والغلاء الشّديد وبعد ذلك جاءتهم الرّيح الصّرصر العاصف وذهبت بهم إلى دركات الهاوية. ويحتمل أن يكون المراد بالأيام النحسات هي أيام القحط التي كانت مصاحبة للأرياح لكنها غير صرصريّة أو كانت منحوسة وأيام عذاب باعتبار شدّة برودتها لأن العرب يسمّون البرد نحسا. وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : الرّياح ثمان ، أربع منها عذاب : العاصف ، والصّرصر ، والعقيم ، والسّموم. وأربع منها رحمة : النّاشرات ، والمبشّرات ، والمرسلات ، والذاريات. (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي عذاب الهوان والذّل ، وهو الذي يجزون به في مقابل استكبارهم في الدّنيا (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) أي أفضح وأذل من ذلك بمراتب كثيرة (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) أي ليس لهم ناصر ولا معين حتى يدفع عنهم العذاب فهم معذّبون أبدا. قال ابن عباس : ما أرسل الله من الرّيح عليهم إلّا قدر خاتمي. وقيل إرسال العذاب عليهم في الأيام النّحسات كان آخر شوّال من الأربعاء إلى الأربعاء. وما عذّب قوم إلّا في يوم الأربعاء ثم إنه حصل اختلاف بين المنجّمين والمتكلّمين ، فالأوّلون قالوا بأنّ الأيام بعضها نحس ذاتا ويستدلون بهذه الآية ويقولون بأن الآية صريحة في ذلك ، وأجاب المتكلّمون بأن النّحاسات هي الأيام التي تكون ذوات غبار وتراب ونحوستها بهذا الاعتبار لا باعتبار ذاتها ، بل عرضيّة لا ذاتية وأيضا كون هذه الأيام نحسات لأن الله أهلكهم فيها فلذا تشاءمّوا