الأحاديث الصّحيحة أن الله رفع عن هذه الأمّة هذه الأنواع من العذاب؟ وقد أجيب أن قومه لمّا شاركوا وساووا قوم عاد وثمود بسبب إنكارهم التوحيد والنبوّة فاستحقّوا مثل تلك الصّاعقة وتخويفهم بالعذاب مثل أولئك ، وجاز حدوث ما يكون من جنس ذلك. وفي هذا الجواب ما لا يخفى حيث أن إشكال الخصم أنّه بمقتضى الآية والروايات أنّ مثل عذاب الأمم السّابقة مرفوع عن هذه الأمّة المرحومة بأيّ ذنب ارتكبوا ما دام النبيّ صلىاللهعليهوآله فيهم تعظيما لشأنه وتكريما لعلوّ مقامه (ص) بين الأنبياء والمرسلين بمقتضى وعده تعالى ، وهذا كيف يناسب قوله تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) مع العلم بعدمه؟ والمجيب يقبل تعذيبهم ويجيب عن سبب تعذيبهم وأنه إنكارهم التوحيد والنبوّة وأنّهم لذلك استحقّوا سنخ عذاب عاد وثمود فأين هذا عن جواب الخصم المدعي لرفع العذاب الدنيوي عن الأمة المرحومة سواء استحقوا أم لم يستحقّوا؟ فالجواب المقنع للخصم الحاسم الرافع لإشكاله يمكن أن يكون من وجوه : الأوّل أن يقال بأن الله تعالى أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بإنذارهم وتخويفهم بما فعل بالعتاة والعصاة من الأمم الماضية مع كونهم أقوى وأشدّ من هؤلاء العصاة والمردة من أهل مكة فكما أهلكهم كذلك بتلك السطوة وذلك القهر ، يمكنه أن يهلك هؤلاء المشركين ؛ وهذه مرحلة الإنذار والتهديد. والإنذار لا يلازم نزول العذاب كما أنّ الوالد الرّؤوف ينذر ابنه بقوله يا بنيّ لا تفعل كذا وكذا وإلّا أضربك أو يخوّفه بالحبس أو يهدّده بالقتل إذا كان المنهيّ عنه أمرا ذا أهميّته ، مع أنه يعلم أنّه إذا فعل الابن الأمر المنهيّ عنه لا يضربه فضلا عن الحبس والقتل. والحاصل أن تلك التهديدات والتخويفات في مقام التأديب والإرشاد والهداية أمر عقلانيّ متعارف بين الناس من الموالي إلى العبيد ومن الآباء إلى الأولاد ، وكذلك من الرّسل إلى