بخلاف المعاني الآخر وتستعمل في الشك والوهم والاتّهام. وقيل إن الظنّ هنا بمعنى اليقين. والظاهر أنه بمناسبة الحكم والموضوع بمعنى الوهم والتخيّل لأن الخطاب مع المشركين ، وهم ما كانوا من أهل اليقين بالله تعالى بل لم يكونوا من أهل الظنّ به سبحانه بمعناه المتعارف الرائج. نعم يحتملون ويتخيّلون أن يكون للعالم صانع غير ما هم عليه ، ولو تلفّظوا باسم الله أو الرّب أو غيرهما من أسمائه سبحانه إمّا أن يكون حكاية لقول المسلمين أو على زعمهم يتفاهمون ويتكلّمون بتلك الأسماء الشريفة التي ينطق بها المسلمون لأنهم يعتقدون بالمسمّى بها ، فكيف في مقام التسمية يمكن أن يقال إنهم يريدون معانيها الواقعية ومفاهيمها الثابتة الحقيقيّة ، وتكرار الظن للتأكيد في أن الموجب لهلاككم هو ظنّكم السّوء بربكم. وفي الآية تنبيه على أنّ العبد المؤمن في أوقات خلواته ينبغي أن لا يكون خوفه من ربّه أقلّ في ارتكابه المعاصي في جلواته ، بل كماله في أن يكون خوفه السّري أكثر من علنيّه حتى لا يدخل في سلك هؤلاء المشركين بل العبد المؤمن لا يكون له سرّ وعلن بالنسبة إلى ربّه فإنه يرى نفسه في جميع أحواله بين يدي ربّه والربّ مشرف عليه في كلّ أوقاته وحالاته وآناته. فأيّ وقت يكون هو غائب عن ربّه حتى يتحقّق له سرّ وخفاء بالنسبة إلى ربّه؟؟ وعن الصّادق عليهالسلام أن العبد المؤمن ينبغي أن يخاف الله خوفا كأنّه يشرف على النار ويرجوه رجاء كأنه من أهل الجنة ، إنّ الله يقول (ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي) ، الآية ثم قال عليهالسلام : إن الله عند ظنّ عبده إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
ثم أخبر سبحانه عن حالهم في النّار فقال عزوجل :
* * *
(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً