شريعة ونهج منهاجا وأوضحه لكم وأظهره ، وهو ما وصّى به نوحا ، فهو بيان عن دين نوح وشريعته. والخطاب إلى أمّة محمد صلىاللهعليهوآله أي يا أصحاب محمد إنّ الله سبحانه اختار لكم من ناحية الدّين دين نوح ودين محمد وإبراهيم وموسى وعيسى. وإنّما خصّ هؤلاء الخمسة بالذّكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشّرائع العظيمة والأتباع الكثيرين. والمراد من الدّين ها هنا هو أصول الدّين المشتركة بين هؤلاء الخمسة ، بل المتّفق عليها بين الكلّ من التوحيد والمعاد والإلهيّات ، غير التكاليف والأحكام لأنّها مختلفة متفاوته كما قال سبحانه (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) فلا بد أن يكون المراد من الدّين الأمور التي لا تختلف باختلاف الشرائع والأزمان (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى ، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الجملة في محل النصب بناء على أنها بدل عن مفعول شرع ، أي شرع لكم أن أقيموا الدّين أي أصوله. أي تمسكوا به جميعا وخذوا به ولا تختلفوا فيه فتتشتّتوا وتتفرّقوا فيسلّط الله عليكم من لا يرحمكم (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) أي عظم عليهم وصعب ما تدعوهم إليه من التوحيد والنبوّة والمعاد وترك الأصنام ورفض دين آبائهم الأوّلين (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ) أي يختار إلى دينه (مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) يوفّق إلى دينه من يقبل إليه ويقبله ويستقبله بقلبه ، ولا يوفّق إليه المعاند والجاحد. وقال القمّي : المراد بمن (يَجْتَبِي) و (مَنْ يَشاءُ) و (مَنْ يُنِيبُ) هم الأئمة الذين اختارهم واجتباهم. وعن الصّادق عليهالسلام (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) قال : الإمام عليهالسلام : ولا تتفرقوا فيه : كناية عن أمير المؤمنين ، ما تدعوهم إليه : من ولاية عليّ عليهالسلام ، من يشاء : كناية عنه.
* * *