(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) ، الآية أي أمرناه أن يحسن لهما بما يمكنه من مصاديق الإحسان وهو ضدّ الإساءة. والمراد بالإنسان هذا الجنس وقرئ حسنا بالضم وسكون السين مصدر من باب حسن يحسن أي كان جميلا ومعناه على هذا : وصّيناه أن يفعل بهما فعلا حسنا من باب المبالغة كما يقال هذا الرجل علم. وفي المجمع عن عليّ عليهالسلام حسنا بفتحتين (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) يجوز فيه الفتح والضّم (كرها وكرها) وهما لغتان فيه مثل الضّعف والضّعف ، وهو في موضع الحال. فالأحسن الفتح مثل قوله تعالى (أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) وما كان اسما كان الضم وأحسن كقوله سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) ومعناه وضعته وهي ذات كره أي مشقّة شديدة بحيث لا يتحمّلها غير الأم في أمر ولدها. وهذا لطف من الله حيث يلقي تلك الرأفة والرّحمة في قلب الأمّ حتّى تتحمّل المشاقّ من أوّل انعقاد النّطفة إلى حين وضعها ، ومنه إلى تمام الحولين ، بل ما دامت حيّة ساعدها الله وجزاها خير الجزاء (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) أي مدّة حمله وفطامه هذا المقدار. وهذا كلّه بيان لما تكابده الأمّ في حراسة الولد وتربيته ، وهو مبالغة في التوصية بها. وفي الآية دلالة على أنّ مدّة أقلّ الحمل ستّة أشهر لأنّه لما كان مجموع مدة الحمل والرضا (ع) ثلاثون شهرا وقال سبحانه (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) فإذا أسقط الحولان وهما أربعة وعشرون شهرا من الثلاثين يبقى زمان الحمل ستّة أشهر. قال الرازي روي أن عمر بن الخطّاب رفعت إليه امرأة وكانت قد ولدت لستّة أشهر فأمر عمر برجمها. فقال عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام لا رجم عليها وذكر الآية. وعن عثمان أنه همّ أيضا بذلك فقرأ عليه ابن عباس ذلك فامتنع عن الرجم. ويستفاد من الآية أن حقّ الأمّ أزيد من الأب على الولد لأنه تعالى بعد ذكرهما معا خصّ الأمّ بالذكر فقال (حملته أمّه ، الآية) فإنّ حمل المشاقّ لمّا كان بعهدتها فحقّها أعظم. والأخبار ناطقة بذلك مع كثرتها. والحاصل أن ابن