آدم بعد وضعه إلى حين فطامه المقدّر شرعا تربيته في عهدة أمّه ، وأجره الرضا (ع) على أبيه (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أي استحكمت قوّته واستتمّ عقله ، وعن ابن عباس إنه ثلاث وثلاثون سنة ، وقيل بلوغ الحلم ، وقيل وقت قيام الحجة عليه ، وقيل أربعون سنة وذلك وقت إنزال الوحي على الأنبياء. ولذلك فسّر به فقال (وَبَلَغَ) فيكون هذا بيانا لزمان الأشدّ ، وأراد بذلك أنه يكمل بذلك رأيه ويجتمع له عقله عند أربعين سنة. وما بعث نبيّ في أقل من أربعين سنة. وبناء على القول الأخير يكون قوله تعالى : (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) يحتمل كونه عطف تفسير لجملة (إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) وعلى الأقوال الأخر فائدة الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه هو بيان أوّل القوة وغايتها. وإذا بلغ الإنسان نهاية رشده وهو مقام كمال عقله فله الأهلية والاستعداد لأن يتوجّه إلى ربّه ويطلب منه الحاجة كما يحكي عنه : (قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) أي ألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) من الإسلام والحياة والقوّة والقدرة والإدراك والرزق والعقل. وشكر الولد على النعمة التي أعطاها الله عزوجل لأبويه واجب ، لأنّ نعمهما تناهت إليه ، وهو قد استفاد هذا الذي يتنعّم به بفضل الله وفضلهما ولا سيّما نعمة حياته التي كانت بواسطتهما وبينهما مضافا إلى أن الوالدين إذا كانا موفقين بتحصيل الطاعة وترك العصيان ومتنعّمين بنعمة الإسلام والتّوحيد ومرفّهين بالنّعم الدنيويّة التي أفاضاها عليه وأحاطاه بها ، فلا بدّ للولد العاقل الموحّد من شكر وجودهما وشكر ما ربّياه عليه من النّعم التي من عنده جلّ وعلا (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) عطف على جملة (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) ؛ (أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أي اجعل ذرّيّتي صالحين. وقيل إن هذا دعاء لذرّيته بإصلاحهم لبّرهم به وطاعته. وقيل معناه اجعلهم لي خلف صدق وصلاح واجعلهم لك عبيد حق حتى يكونوا لي فخرا وتذكارا خيرا. حيث إن ذرّية الصالح تحسب من الباقيات الصّالحات. والحاصل أنه يستفاد من المباركة أن من المستحب دعاء الوالد