رفعه أيضا عن النساء مع أنه يترتب عليهنّ ما يترتب على الأصناف الثلاثة في الآية الكريمة من الفوائد المزبورة وأكثر منها. ووجه الرفع يحتمل أن يكون أنّه تعالى أراد منهن العفاف والتستر ، والذّهاب إلى الجهاد مناف لهما ، فلذا رفع التكليف بالنسبة إلى الجهاد عنهنّ. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) هذه الجملة وإن كرّرت في الآيات الشريفة إلّا أنّ تكرارها تكرار في مورده لأنّها في كلّ مورد ذكرت كان ذكرها بمناسبة موضوع من المواضيع الشرعيّة. وحين ذكرت الصّلاة مثلا مدح الله تعالى المقيمين لها وذمّ التاركين ثم ذكر عاقبة أمر كلّ واحد منهما : فالمطيع في الجنّات ، والعاصي في النار ، وكذا فيما نحن فيه وهو موضوع الجهاد فالمجاهدون يدخلون الجنّات المذكورة والمتخلفون عاقبة أمرهم ما يقوله سبحانه : (وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً).
* * *
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا