والآخرة. وجميع ما أكرمناهما به وأفضناه عليهما ثبّتناه وأدمناه عليهما. أو المراد أن أولادهما وذراريهما صيّرناهم كثيرين وأبقيناهم إلى يوم الدّين حتى أخرجنا من صلبهم كثيرا من الأنبياء (وَ) مما أعطيناهما (مِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ) أي بعض منهم محسن بالإيمان والطّاعة وحسن السلوك ومنهم (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) بالكفر والعصيان. ويستفاد من الشريفة أنّ النسب لا أثر له في الهدى والضلال ، وأنّ الظّلم في أعقابهما لا يسري إلى الآباء والأجداد ولا يصير سببا للنّقص والعيب فيهم ، كما أنّ هداية الآباء والأجداد لا تستلزم هداية الأعقاب والأنجال ، فالعقاب والثواب ليسا بمتفرّعين على الأصول والفروع ، بل كلّ يعمل على شاكلته ، ويعمل به على طبق ما عمله (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فإن السؤال في ذلك اليوم عن الأعمال لا الأنساب. و (مُبِينٌ) أي بيّن الظّلم. ثم إنه تعالى بعد ذكر قصّة إبراهيم وأولاده وبيان ما أنعم عليهم يظهر ما أنعم على موسى وأخيه هارون عليهماالسلام فيقول :
* * *
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ