.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا حقيقة الرشد فالظاهر والمتبادر منه ـ الذي ذكره الأصحاب ـ انه إصلاح المال وعدم صرفه في وجه غير لائق بحاله في نظر العقلاء ، ويناسبه معناه اللغوي وهو الاهتداء قاله في القاموس (١).
وقال في الخلاف : الرشد الهداية ، كأنّ المراد في هذا المقام الهداية إلى إصلاح حاله وماله بقرينة الآية.
وبالجملة لا خلاف ولا كلام في اعتبار إصلاح المال بمعنى أن يكون له ملكة يقدر بها على حفظه وصرفه في الأغراض الصحيحة لا غير ، لا بمعنى أنه قد فعل مرّة اتفاقا ، بل يكون ذلك في عقله ومعرفته للأمور.
فتضييع المال ـ بإلقائه في البحر مثلا والغبن الفاحش في المعاملات وصرفه في المحرّمات بتبذير وإسراف ـ مناف للرشد ومانع عن التصرف وموجب للحجر بإجماع الأمّة على ما فهمناه من التذكرة.
وانما الكلام والخلاف في اعتبار العدالة معه.
والظاهر أنه لا يعتبر فيه تكرّر الفعل للملكة ولا اشتغاله بعمل يحصل به المال ، فالذي يترك صنعة أبيه ليس بسفيه ، ولا القدرة (٢) على حفظ الموجود وتحصيل المعدوم من المال ، كما اعتبره في شرح الشرائع كما سيجيء.
وأيضا إن تروك المروّة ليست داخلة في هذه العدالة عند من يشترطها في الرشد.
قال في التذكرة : ومن لا يتحفظ من الأشياء المفضية إلى قلّة المروّة كالأكل في السوق ، وكشف الرأس بين الناس ، ومدّ الرجل عندهم وأشباه ذلك
__________________
(١) رشد كنصر وفرح رشدا ورشدا ورشادا اهتدى (القاموس)
(٢) عطف على قوله قده تكرر الفعل.