.................................................................................................
______________________________________________________
ويحتمل ان يكون المراد ما شرع لقطع النزاع أصالة كما هو الظاهر ، وهو لا ينافي جريانه في غير النزاع أيضا وان لم يكن ذلك مقصودا من شرعه كما قيل في قوله تعالى «أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ» (١) ـ أي الجنّة و (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢) ـ أي النار ـ فإنه لا ينافي دخول غير المتقي ، الجنّة ـ والعاصي الغير الكافر ، النار.
على ان التعريف غير منقول من الشارع ، لأنه غير معلوم ، ثبوت حقيقة شرعيّة أصلا فكيف هذا بخصوصه فهو اصطلاح بعض الفقهاء وكلّ من لم يجعله أعمّ اكتفى به ، ومن جعله عامّا لم يكتف به بل يعرّف بما يقتضي مذهبه والأحكام الثابتة عنده.
واما النزاع الثاني (٣) الذي وافق المبسوط فيه بعض الجمهور على ما نقله في شرح الشرائع ، فما نعرف وجهه ، فان الظاهر ان غير البيع ليس ببيع ، ولا فرعه في أحكامه فلا يكون حكمه حكمه وان أفاد فائدته إلّا بدليل ، والدليل ليس بواضح ، فكان قول المبسوط ، نقل عن العامّة لا مذهب له.
ولهذا قال في التذكرة : الصلح عند علمائنا اجمع عقد قائم بنفسه ليس فرعا على غيره (انتهى) وما نقل عن المبسوط خلافا وظاهر الأدلّة المتقدّمة يقتضي عدمه أيضا وهو ظاهر فتأمّل.
فكأنه يقول : عقد البيع ما يفيد تمليك عين معلوم بشيء معلوم ، ومثله في تعريف الإجارة فيكون الصلح راجعا الى أحد الأمور المذكورة ولا يكون عقدا برأسه للأصل وصدق تعريف غيره عليه فتأمّل.
ولعلّه ظهر من الأدلّة المتقدمة كونه جائزا عاما ما لم يجعل به الحرام حلالا
__________________
(١) آل عمران ـ ١٣٢.
(٢) البقرة ـ ٢٤ وآل عمران ـ ٢٣١.
(٣) الذي تقدم بقوله قدس سره : نعم لبعض العامّة فيه نزاع إلخ فلاحظ.