وعن مجاهد أيضا وعكرمة : أن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان (١).
وقال مجاهد : الفنن : هو الغصن المستقيم طولا.
الوجه الثاني : أنه جمع «فنّ» ك «دنّ» ، وإليه أشار ابن عبّاس.
والمعنى : ذواتا أنواع وأشكال ؛ وأنشدوا : [الطويل]
٤٦٥٦ ـ ومن كلّ أفنان اللذاذة والصّبا |
|
لهوت به والعيش أخضر ناضر (٢) |
قال سعيد بن جبير والضحاك : ألوان من الفاكهة (٣) ، واحدها : «فنّ» ، من قولهم : «افتنّ فلان في حديثه» إذا أخذ في فنون منه وضروب ، إلا أن الكثير في «فنّ» أن يجمع على «فنون» ، وجمع عطاء بين القولين فقال : في كل غصن فنون من الفاكهة.
قوله تعالى : (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) أي : في كل واحدة منهما عين جارية ، كما قال تعالى : (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) [الغاشية : ١٢] تجريان ماء بالزيادة ، والكرامة من الله ـ تعالى ـ على أهل الجنّة.
وعن ابن عباس أيضا والحسن : تجريان بالماء الزلال (٤) ، إحدى العينين : التسنيم ؛ والأخرى السلسبيل.
وقال ابن عطية : إحداهما من ماء غير آسن ، والأخرى من خمر لذّة للشّاربين.
وقيل : تجريان من جبل من مسك.
وقال أبو بكر الوراق : فيهما عينان تجريان ، لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عزوجل.
قوله تعالى : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) ، أي : صنفان ونوعان.
قيل : معناه : أن فيهما من كل ما يتفكه به ضربين رطبا ويابسا.
وقال ابن عبّاس : ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل إلّا أنه حلو (٥).
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٤) عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي بكر بن حبان في «الفنون» وابن الأنباري في «الوقف والابتداء».
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٩ ، وشرح شواهده ص ٤٢٣ ، والبحر ٨ / ١٨٥.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٠٤) عن الضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٠٣).
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٤) عن الحسن.
(٥) ينظر المصدر السابق. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٤) عن عكرمة مثله وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.