وقيل : الظاهرة ، فيكون «معين» مفعول من المعاينة.
وقيل : هو «فعيل» من المعن ، وهو الكثرة.
قال ابن الخطيب (١) : هو مأخوذ من معن الماء إذا جرى.
وقيل : بمعنى «مفعول» ، فيكون من «عانه» إذا شخصه بعينه وميزه.
قال : والأول أظهر ؛ لأن المعيون يوهم بأنه معيوب.
يقال : ضربني بعينه أي : أصابني بعينه ؛ ولأن الوصف [بالمفعول](٢) لا فائدة فيه.
وأما الجريان في المشروب فإن كان في الماء فهو صفة مدح ، وإن كان في غيره ، فهو أمر عجيب لا يوجد في الدنيا ، فيكون كقوله تعالى : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) [محمد : ١٥] وبين أنها ليست كخمر الدّنيا يستخرج بتكلف ومعالجة.
فإن قيل : كيف جمع الأكواب والأباريق ، وأفرد الكأس؟.
فالجواب : أن ذلك على عادة أهل الشرب فإنهم يعدون الخمر في أوان كبيرة ، ويشربون بكأس واحدة ، وفيها مباهاتهم لأهل الدنيا من حيث إنهم يطوفون بالأكواب والأباريق ، ولا ينتقل عليهم ، بخلاف الدنيا ، أو يقال : إنما أفردت الكأس لأنها إنما تسمّى كأسا إذا كانت مملوءة ، فالمراد اتخاذ المشروب الذي فيها ، وأخر الكأس مناسبة لاتصاله بالشّرب.
قوله : (لا يُصَدَّعُونَ).
يجوز أن تكون مستأنفة ، أخبر عنهم بذلك.
وأن تكون حالا من الضمير في «عليهم».
ومعنى (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) أي : بسببها.
قال الزمخشري (٣) : وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها.
والصّداع ؛ هو الداء المعروف الذي يلحق الإنسان في رأسه ، والخمر تؤثر فيه.
قال علقمة بن عبدة في وصف الخمر : [البسيط]
٤٦٨٢ ـ تشفي الصّداع ولا يؤذيك حالبها |
|
ولا يخالطها في الرّأس تدويم (٤) |
قال أبو حيان (٥) : هذه صفة خمر أهل الجنة ، كذا قال الشيخ أبو جعفر بن الزبير لما قرأت هذا الدّيوان عليه.
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ١٣٢.
(٢) في ب : بالذي.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٠.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٠٥.