والمعنى لا يتصدع رءوسهم من شربها ، أي : أنها لذة بلا أذى ، بخلاف شراب الدنيا.
وقيل : (لا يُصَدَّعُونَ) لا يتفرّقون كما يتفرق الشرب من الشراب للعوارض الدنيوية ، ومن مجيء «تصدع» بمعنى : تفرق ، قوله : فتصدع السحاب عن المدينة ، أي : تفرق.
ويرجحه قراءة مجاهد (١) : «لا يصّدعون» بفتح الياء وتشديد الصاد.
والأصل : «لا يتصدعون» أي : لا يتفرقون ، كقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) [الروم : ٤٣].
وحكى الزمخشري (٢) قراءة ، وهي : «لا يصّدعون» بضم الياء ، وتخفيف الصّاد ، وكسر الدّال مشددة.
قال : «أي لا يصدع بعضهم بعضا ، لا يفرقونهم».
قوله : (وَلا يُنْزِفُونَ).
تقدم الخلاف بين السبعة في «ينزفون» ، وتفسيره في «والصّافات».
وقرأ ابن (٣) إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي من نزف البئر ، إذا استقى ما فيها.
والمعنى لا ينفد خمرهم.
ومنه قول الشاعر : [الطويل]
٤٦٨٣ ـ لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم |
|
لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا (٤) |
وقال أبو حيان (٥) : «وابن أبي إسحاق وعبد الله والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي ، أي : لا يقيء شرابهم».
قال شهاب الدين (٦) : وهذا عجيب منه فإنه قد تقدم في «الصّافات» أنّ الكوفيين يقرءون في «الواقعة» بكسر الزاي ، وقد نقل هو هذه القراءة في قصيدته.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : في الخمر أربع خصال : السّكر ، والصّداع ، والقيء ، والبول ، وقد نزّه الله ـ تعالى ـ خمر الجنة عن هذه الخصال (٧).
قوله : (وَفاكِهَةٍ).
__________________
(١) ينظر الكشاف ٤ / ٤٦٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٥ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٦.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٠.
(٣) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٢٤٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٥ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٦.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٠٥ ، ٢٠٦.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٦.
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٣٢) من طريق الضحاك عن ابن عباس.