العامة على جر «فاكهة ولحم» عطفا على «أكواب».
أي : يطوفون عليهم بهذه الأشياء المأكول والمشروب والمتفكه به ، وهذا كقوله : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٢١].
فإن قيل : الفاكهة لا يطوف بها الولدان ، والعطف يقتضي ذلك؟.
فالجواب : أن الفاكهة واللحم في الدنيا يطلبان في حال الشرب فجاز أن يطوف بهما الولدان [هنا] فيناولونهم الفواكه الغريبة ، واللحوم العجيبة لا للأكل ، بل للإكرام ، كما يصنع المكرم للضيف أنواع الفواكه بيده ، أو يكون معطوفا على المعنى في قوله : (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي: مقربون في جنّات ، وفاكهة ، ولحم ، وحور ، أي : في هذه النّعم يتقلّبون [عليهم بهذه الأشياء : المأكول ، والمشروب ، والمتفكه](١).
وقرأ زيد بن علي (٢) ، وأبو عبد الرحمن ـ رضي الله عنهم ـ ، برفعهما على الابتداء ، والخبر مقدر ، أي : ولهم كذا.
والمعنى يتخيّرون ما شاءوا من الفواكه لكثرتها.
وقيل : المعنى : وفاكهة متخيرة مرضية ، والتخير : الاختيار.
وقوله : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ).
قال ابن عبّاس : يخطر على قلبه لحم الطّير ، فيصير ممتثلا بين يديه على ما اشتهى ، ثم يطير فيذهب (٣).
قوله : (وَحُورٌ عِينٌ).
قرأ الأخوان (٤) : بجرّ «حور عين».
والباقون : برفعهما.
والنخعي (٥) : «وحير عين» بقلب الواو ياء وجرهما.
وأبيّ وعبد (٦) الله قال القرطبي والأشهب العقيلي وعيسى بن عمر الثقفي ، وهو كذلك في مصحف أبيّ : «وحورا عينا» بنصبهما.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) ينظر البحر المحيط ٨ / ٢٠٥ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٧.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٨١).
(٤) ينظر : السبعة ٦٢٢ ، والحجة ٦ / ٢٥٥ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٤٢ ، وحجة القراءات ٦٩٥ ، والعنوان ١٨٥ ، وشرح شعلة ٥٩٦ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٥ ، وإتحاف ٢ / ٥١٥.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٠٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٧.
(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ١٢٤ ، وإعراب القرآن للنحاس ٣ / ٣٢٤ ، والمحتسب ٢ / ٣٠٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٤٢ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٤٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٧.