وقال ابن كيسان : المدهن : الذي لا يعقل ما حق الله عليه ، ويدفعه بالعلل.
وقال بعض اللغويين : «مدهنون» : تاركون للجزم في قبول القرآن.
قوله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ).
فيه أوجه :
أحدها : أنه على التهكم بهم ، لأنهم وضعوا الشيء غير موضعه ، كقولك : شتمني حيث أحسنت إليه ، أي : عكس قضية الإحسان.
ومنه : [الرجز]
٤٧١٣ ـ كأنّ شكر القوم عند المنن |
|
كيّ الصّحيحات ، وفقء الأعين (١) |
أي : شكر رزقكم تكذيبكم.
الثاني : أن ثمّ مضافين محذوفين ، أي : بدل شكر رزقكم ، ليصح المعنى.
قاله ابن مالك.
وقد تقدم في قوله تعالى : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) [النجم : ٩] أكثر من هذا.
الثالث : أنّ الرزق هو الشكر في لغة «أزد شنوءة» يقولون : ما رزق فلان فلانا ، أي : ما شكره ، فعلى هذا لا حذف ألبتة.
ويؤيده قراءة علي بن أبي طالب (٢) ـ رضي الله عنه ـ وتلميذه عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «وتجعلون شكركم» مكان رزقكم.
قال القرطبي (٣) : «وإنما صلح أن يوضع اسم الرزق مكان الشّكر لأنّ شكر الرّزق يقتضي الزيادة فيه ، فيكون الشكر رزقا لهذا المعنى».
قوله : (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).
قرأ العامة : «تكذّبون» من التكذيب.
وعلي ـ رضي الله عنه ـ وعاصم في رواية المفضل عنه : «تكذبون» (٤) مخففا من الكذب.
__________________
(١) ينظر البحر ٨ / ٢١٤ وروح المعاني ٢٧ / ١٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٩ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٥٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٣) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٤٨.
(٤) ينظر : الحجة ٦ / ٢٦٤ ، والمحتسب ٢ / ٣١٠ ، ونسبها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وينظر : إعراب القراءات ٢ / ٣٤٨ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٥٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٩.