تحقّق الحرمة بالموجِب فضلاً عن كون الصيام مكفِّراً لها ، بل يجعلها حراماً وبدعةً بقصد التشريع في شرعه.
ولعلّ هذا هو السرّ والحكمة في حكم الأصحاب بفساد عبادة الكفّار ؛ لعدم تحقّق قصد القربة بهذا المعنى منهم ، والعجب من شيخنا في المسالك ، حيث اعترضهم في ذلك ، وجوّز صدور نيّة القربة بهذا المعنى عنهم (١) ، فيالله : كيف يقصد الكافر بما يأتي به من هيئة صلاتنا أنّه عبادة مقرّبة إلى جنابه سبحانه مع اعتقاده كون مثل ذلك بدعة وضلالة؟ فإتيانه بذلك على تقديره يكون على طريق الاستهزاء والسخرية ، وما أرى مثل هذه الدعوى عن نحو هذا الفاضل إلاّ غفلة واضحة.
نعم قد تحصل له نيّة القربة في بعض الخصال إذا كانت عنده وفي شرعه مقرّبة ، ولكن مثل هذه القربة غير كافية ، بل لا بدّ من نيّة القربة التي هي القصد إلى امتثال أمر الكفّارة ، ولذا أنّ أحدنا لو صام ندباً من دون نيّة التكفير لم يجز عنه إجماعاً ، فتأمّل.
( والتعيين ) للسبب الذي يكفّر عنه ، سواء تعدّدت الكفّارة في ذمّته أم لا ، وسواء تغاير الجنس أم لا ، كما يقتضيه الإطلاق ، وصرّح به في الدروس (٢) ، وأطلق في اللمعة (٣) كالعبارة ، ووجهه أنّ الكفّارة اسم مشترك بين أفراد مختلفة ، والمأمور به إنّما يتخصّص بمميّزاته عن غيره ممّا يشاركه.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٩٣.
(٢) الدروس ٢ : ١٨٤.
(٣) اللمعة ( الروضة البهية ٣ ) : ٢٤.