الدنيا من مردة الشياطين الذين يسترقون السمع من الملائكة الموكّلين بحراستها وبأيديهم الشّهب الملتهبة المتوقّدة التي يرمون المردة بها كما يرمى الناس بالسهام القاتلة ، ليمنعوهم من الاستماع إلى أي شيء من أمر السماء ، وإلى أي قول يتفوّه به الملائكة المطّلعون على شيء من أسرار اللوح المحفوظ. فالله سبحانه وتعالى جعل في السماء الدنيا (حرسا شديدا وشهبا). وقال أحد المفسّرين عن تلك الشّهب إنها كأنها الكواكب تنقضّ متأجّجة بالنار ، وهذه النار لها خاصيّة إحراق الشياطين لأنها أقوى من ناريّتهم التي خلقوا منها ، فشبهة عدم تأثير الشيء في مثله شبهة باطلة موهونة في مورد إحراق الشياطين بالشّهب الملتهبة كما لا يخفى. وقد روى ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام إنه قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الأرض ، مربوطة كلّ مدينة بعمود من نور طول ذلك العمود في السماء مسيرة مائتين وخمسين سنة. ولا يخفى أن هذا الخبر من أكبر البراهين على حقّانية الإسلام التي تثبت في عصر العلوم المتجدّدة التي اتسع نطاقها فيما بين الذّرة في صغرها ، وذرى السماء في اتّساعها وعدم تناهيها ، وكلّها لم تدل على وجود عمران في السيّارات من الكواكب وإن كانت قد دلّت الاكتشافات على قانون التجاذب فيما بين الكواكب والأفلاك. وقد قال العلّامة الشهرستاني في (الهيئة والإسلام) قوله : مربوطة بعمود من نور ، قد يكون مربوطا بالإشارة إلى تأثير جاذبية الشمس في حفظ نظام السيارات ، واتّصال حامل الجاذبية بالنجوم على نحو الخط العمودي كما اتّفق عليه الحكماء المتأخّرون ... وفي رواية أخرى : بعمودين من نور ، وهذا يمكن أن يكون إشارة إلى ما تقرّر أخيرا من أن نظام السيّارات تحفظه قوّتان من الشمس بحسب التحرّك الدّوري ، فلو انفردت الأولى في التأثير ولم تكافئها الثانية لهوت جملة السيّارات في كورة الشمس ، ولو انفردت الثانية ولم تكافئها الأولى لرميت النجوم إلى خارج نظام الشمس