من الفضاء الوسيع. وأنّما استقرّت السيّارات في أفلاكها المعيّنة وانضبط نظامها بواسطة ارتباطها مع الشمس وانقيادها لها بعمودين بين جاذب ودافع ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
والحاصل أن الشياطين معزولون عن استماع ما يجري في السماء الدّنيا ، وهم مبعدون عنها بواسطة حرسها يطردون (وَيُقْذَفُونَ) أي يرمون بالشّهب (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) من جوانب السماء (دُحُوراً) أي طردا شديدا (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) اي للشّياطين عذاب دائم في الآخرة. وعن الباقر عليهالسلام : دائم موجع قد وصل إلى قلوبهم. فذلك معدّ لكل مستمع (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) استثناء من الاستماع. والتقدير لا يستمعون إلى الملأ الأعلى ، أي الملائكة ، إلا من اختلس كلام الملائكة مسارقة واستلب استلابا بسرعة (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) أي فعقبه ما يرمي به الملائكة الحرسة الشياطين ، وهو الذي كأنّه كوكب ينقضّ مضيئا كأنّه يثقب الجوّ بضوئه. وفسّر الشّهاب بالنار المضيئة المحرقة وهو خلاف معناه لغة ، ومع صحّته لا تدلّ الكريمة على احتراق الشيطان الذي يرمى بها ، ولا يبعد أن يتأذى بها ويتخوّف بحيث لا يصعد بعد ذلك أبدا. وقد نقل أن ركانة بن زيد وأبا الأسدين كانا من المنكرين للبعث ولا يزالان يظهران الشجاعة ويفتخران بذلك في قريش فالله سبحانه وتعالى أنزل الآية الشريفة ردّا عليهم فقال :
* * *
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ