بالأصل والنّسب. ضو هذا الكلام المبارك يشير إلى قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) والحاصل أن هذين الوجهين ذكروهما في وجه نزول الآية. وأما معنى الآية فالمراد بقوله سبحانه (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) أنكم متساوون في الأب والأم حيث إنكم ترجعون في النسب إلى آدم وحوّاء ، فلا فضل لأحدكم على الآخر من ناحية النّسب ، نعم إنما التقدّم والتفاخر ليس إلّا بالتّقوى وفي بعض كتب التفاسير منقول أنّ شخصا سأل عيسى عليهالسلام بأن أيّ إنسان أفضل وأشرف في بني آدم؟ فأخذ قبضتين من التراب وقال : ليس لأحدهما فضيلة على الآخر بل هما متساويان في الفضل والشرف. فالبشر مخلوقون من التراب ومتساوون في أصل الخلقة ليس لأحد رجحان على أحد ، فأكرمهم وأفضلهم أتقاهم فنفتهم أنّ مدار الفضيلة والتقدّم هو التّقوى. وقال (ص): من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتّق الله. والأدلّة على ما ذكر كثيرة ، وما ذكرناه من باب النّموذج (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) جمع شعب وهو أعمّ طبقات النّسب (وَقَبائِلَ) هي دون الشعوب ، فمثلا (حزيمة) شعب مشتمل على (قبائل) عديدة منها قبيلة كنانة وهي محتوية على العمائر التي منها قريش فهي عمارة من كنانة. والعمائر تنطوي على البطون منها كقصيّ وهو بطن من قريش ، والبطون دونها الأفخاذ كهاشم وهو فخذ من قصيّ ، والأفخاذ دونها العشائر كالعباس وهو عشيرة من هاشم ، وبعدها الفضيلة وهو أدون طبقات النّسب. والمراد بها أهل البيت نحو بني العباس. والقول بأن المراد بالشعوب هو الموالي أي الأعاجم والمراد بالقبائل هو الأعراب ، فهو من الأقوال التي تحقيقها ليس فيه كثير فائدة. وعلى كلّ تقدير فالمقصود من وضع طبقات النسب ليس التفاخر بالآباء والشعوب والقبائل ، بل مدار التفاخر والتفاضل ما جعله الله تعالى مميّزا للشرافة والفضيلة وهو التقوى فقط ، فجعل الطبقات المتعدّدة لا جدوى منه إلّا أننا جعلناكم كذلك (لِتَعارَفُوا) أي لأن يعرف كلّ واحد منكم الآخر عند