وفي مصباح الفقاهة في المقام ما هذا لفظه :
«إذا سلّمنا جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة الإلهيّة وأغمضنا عن معارضته دائما باصالة عدم الجعل ـ كما نقّحناه في الأصول ـ فلا نسلّم جريانه في المقام لأنّ محلّ الكلام هو الجواز الوضعي بمعنى نفوذ البيع على تقدير وجوده. وعليه فاستصحاب الجواز بعد التنجّس يكون من الاستصحاب التعليقي الذي لا نقول به.» (١)
أقول : كلامه ـ طاب ثراه ـ يرجع إلى أمرين : الأوّل : الترديد في جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة.
الثاني : كون الاستصحاب في المقام تعليقيّا وهو لا يقول به.
ترديد المحقق الخوئي (ره) في جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية :
أمّا الأمر الأوّل : فمحصّل كلامه ـ على ما في مصباح الأصول ـ :
«التفصيل في حجيّة الاستصحاب بين الأحكام الكليّة الإلهيّة وبين غيرها من الأحكام الجزئيّة والموضوعات الخارجيّة ، فلا يكون حجّة في القسم الأوّل لا لقصور الروايات الواردة ، بل لأنّ الاستصحاب في الأحكام الكليّة معارض بمثله دائما كما قال به الفاضل النراقي (ره).
بيان ذلك أنّ الشكّ في الحكم الشرعي تارة يكون في بقاء أصل الجعل الشرعي بعد العلم به فيجري استصحاب بقائه وعدم نسخه وإن كان إطلاق قوله : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» يغنينا عن هذا الاستصحاب.
واخرى يكون الشكّ في بقاء المجعول بعد فعليّته بتحقّق موضوعه. وهذا على قسمين : لأنّه إمّا أن يكون لأجل الشكّ في دائرة المجعول سعة وضيقا كما إذا شكّ في حرمة وطى الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال. ومرجع هذا إلى الشكّ
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ١٣٧.