وبالجملة لا نريد إجراء الاستصحاب في العدم المحمولي حتى يقال بعدم الأثر له ، وإثبات العدم الربطي به لا يجوز. ولا نقول أيضا : إنّ المرأة قبل وجودها كانت متّصفة بعدم القرشية بنحو الإيجاب العدولي حتى يناقش باحتياج الموجبة بجميع أقسامها إلى وجود الموضوع في ظرف الصدق. بل نقول : إن المرأة قبل وجودها لم تكن متّصفة بالقرشيّة بنحو السلب المحصّل ، والسالبة تصدق مع انتفاء الموضوع أيضا.
أقول : هذا محصّل ما اختاره وشيّد أركانه جمع من أعاظم المتأخرين وسمّوه باستصحاب العدم الأزلي وتمسّكوا به في أبواب كثيرة من الفقه ، ولعلّ هذا الوجه الخامس أمتن الوجوه المذكورة في المقام.
نقد مبنى استصحاب العدم الأزلي
ولكن يمكن أن يناقش :
أوّلا : بأنّ استصحاب العدم الأزلي بكلا قسميه في المقام من المحمولي والربطي ممّا لا عرفية له وينصرف عنه أدلّة حجيّة الاستصحاب كما صرّح بذلك الأستاذ آية الله البروجردي ـ قدسسره ـ على ما حرّرنا عنه في نهاية الأصول. (١)
إذ المقصود ليس استصحاب مطلق عدم الانتساب بل عدم انتساب هذه المرأة الخارجية ، وهذه المرأة إنما صارت هذه المرأة بوجودها وتحقّقها في الخارج ، وما لا وجود له لا ماهيّة له ، فالشيء قبل وجوده معدوم مطلق وبطلان محض ، لامرأة ولا هذيّة حتى تعتبر لها القرشيّة أو غيرها ، لا معروض ولا عارض ولا نسبة ، لا عليّة ولا معلولية ولا ميز. ولا تقبل إشارة حسيّة ولا عقليّة حتى يضاف إليها القرشيّة أو تنفى عنها.
وإنّما يعتبر عدم العارض عند العقلاء في ظرف وجود المعروض وخلوّه عنه بلحاظ وجود ملكته واستعداده فيه ، وأمّا قبل وجوده فلا ذات ولا صفات ولا نسبة.
وما يتخيّل باسم الذات أو الصفات حينئذ يكون من مخترعات أذهان أهل المدرسة و
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ٣٠٢.