فإذا ارتفعت الغذارة الذاتيّة بالاستحالة فارتفاع العرضية بها يثبت بالأولويّة الجليّة.
ولعلّ السرّ في ذلك أنّ في المتنجّس ما يكون في الحقيقة نجسا هو ذرّات النجس المنتقلة إليه بالملاقاة عرفا وشرعا لا ذات الخشب مثلا إلا بالعرض والمجاز ، وباستحالة الخشب يستحيل هذه الذرات أيضا وتنعدم عرفا فلا يبقى موضوع للنجاسة.
وكيف كان فدخان الدهن المتنجّس طاهر مع استحالته إليه.
نعم لو فرض تصاعد كثير من الأجزاء الدهنيّة معه بحيث يدرك العرف أيضا ذلك وربّما يستشهدون لذلك بدسومة الدخان وجب الاجتناب حينئذ. وأمّا الأجزاء الصغار التي لا يدركها العرف ويحتاج في إدراكها إلى المكبّرات والآلات الحديثة فلا حكم لها شرعا ، وإلّا لتنجّس الهواء والأشياء ببخار النجاسات والمتنجّسات وأرياحها لاستحالة انتقال العرض فتكشف الأرياح عن وجود الذرّات. (١)
الفائدة الثامنة :
هل يجري الاستصحاب في الشك في القصر وعدمه؟
«محل البحث : الإشكال في جريان الأصل فيمن شك كون سفره بمقدار المسافة بأنه مبني على كون موضوع القصر من حالات المكلف فيجري استصحاب عدم كونه مسافرا ؛ وأما اذا كان من حالات المسافة بأن يكون القصر مشروطا بكون المسافة ثمانية فاثباته باستصحاب عدم كونه مسافرا من الأصل المثبت ، نظير ما قالوا في اللباس المشكوك كونه من أجزاء غير المأكول فلا يثبت بالاستصحاب الجاري في المصلي بأنه لم يكن قبل أن يلبس هذا اللباس لابسا لغير المأكول ، عدم كون الجزء المشكوك من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ...»
ربما يقال : إن قيد الشيء يجب أن يكون من حالاته وأطواره ومن صفاته ومقسماته ، فلو فرض في مقام أخذ الأجنبي قيدا يجب الالتزام بكون القيد عبارة عن أمر انتزاعي يكون من مقسمات المقيد ومن حالاته كوصف المعية والمقارنة ونحوهما غاية الأمر كون الأجنبي منشئا
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٤٢ إلى ٤٥.