ومناقشة ثالثة ، وهي أنّ الآية التي ذكرها الإمام عليهالسلام نزلت في شأن بعض المنافقين المتظاهرين بالإيمان وهو عبد الله بن نفيل أو نبتل بن الحارث أو عتّاب بن قشير :
ففي تفسير علي بن إبراهيم ما محصّله :
«أنّه كان سبب نزولها أنّ عبد الله بن نفيل المنافق كان يقعد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين وينمّ عليه فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جبرئيل بذلك فدعاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره فحلف أنّه لم يفعل فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد قبلت منك فرجع إلى أصحابه فقال : إنّ محمدا أذن فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي يصدّق الله فيما يقول ويصدّقك فيما تعتذر إليه في الظاهر ولا يصدّقك في الباطن ، وقوله : ويؤمن للمؤمنين يعني المقرّين بالإيمان من غير اعتقاد.» (١)
أقول : ويشهد لما ذكره تغيير حرف الصلة وذكر اللام الظاهرة في النفع أو يكون بتضمين التصديق فإنّه يتعدي باللام كما في قوله ـ تعالى ـ : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ)
وإذا كان التصديق للمؤمنين بحسب الظاهر فقط فلا حجيّة في قوله ويكون وزانه وزان قوله عليهالسلام : «كذّب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدّقه وكذّبهم.» (٢)
وعلى هذا فيشكل الاستدلال بالصحيحة لحجيّة البيّنة أو الشياع. ولعلّ الآية الشريفة والصحيحة كلتاهما في مقام الإرشاد إلى آداب المعاشرة ولزوم التصديق الصوري للمجتمع والخلطاء والاحتياط عملا في موارد الشبهة ونحو ذلك فتدبّر. هذا.
وهنا رواية اخرى عن الكافي يظهر منها أن القصّة وقعت لنفس الإمام الصادق مع أبيه عليهماالسلام وهي ما رواه في الوسائل عن الكافي عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن حمّاد بن بشير عن ابي عبد الله وفيه : وقال
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم ، ج ١ ، ص ٣٠٠ (ـ طبعة اخرى ، ص ٢٧٥) ؛ والآية ٦١ من سورة التوبة.
(٢) الكافي ، ج ٨ ، ص ١٤٧ ، تكذيب المغتاب ... ، الحديث ١٢٥.