أيضا. (١)
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الشياع بين الناس أمر وشهادة المؤمنين بما هم مؤمنون أمر آخر ، إذ شهادة المؤمنين تكون من مصاديق البيّنة الشرعيّة التي مرّ اعتبارها تعبّدا ، والشهادة فيها تكون عن حسّ كما في مورد الصحيحة.
وإنّما الإشكال والبحث في الشياع بين الناس إذا لم يعلم حالهم من الإيمان والعدالة بل نعلم إجمالا أن أكثرهم همج رعاع أتباع كلّ ناعق لا يستضيئون بنور العلم ولا يشخصون الحقّ من الباطل ، ومورده الأمور الممتدّة في عمود الزمان التي يتعسّر فيها الحسّ غالبا. ودلالة الحديث على اعتباره محلّ إشكال.
والمحقّق النراقي (ره) أيضا حمل الصحيحة على شهادة البيّنة قال في العوائد ما محصّله :
«إنّ الاستغراق فيه أفرادي لا جمعي فالمعنى كلّ مؤمن شهد عندك فصدّقه ، خرج المؤمن الواحد بالدليل فيبقى الباقي.
مع أنّ إرادة العموم الجمعي منتفية قطعا لعدم إمكان شهادة جميع المؤمنين إلى يوم القيامة ولا جميع مؤمني عصره ، بل ولا نصفهم ولا ثلثهم بل ولا عشرهم ولا واحد من ألف منهم فالمراد إما الاستغراق الأفرادي كما مرّ أو مطلق الجمع الشامل للثلاثة أو جميع أفراد الجموع الشامل للثلاثة المتعدي حكمه إلى الاثنين أيضا بالإجماع المركّب.
وأيضا الحكم مفرّع على قوله ـ سبحانه ـ : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).
وهو وارد في تصديق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبد الله بن نفيل وهو كان واحدا.
وأيضا ظاهر أنّ من أخبر إسماعيل بشرب الخمر ليس إلّا اثنين أو ثلاثة.» (٢) أقول : لم يظهر لي من أين ظهر له أنّ المخبر لإسماعيل لم يكن إلّا اثنين أو ثلاثة؟!. هذا.
وفي الحديث مناقشة اخرى أيضا ، وهي أنّ تزويج شخص وائتمانه على أمانة يتوقّفان عادة على إحراز الإيمان والأمانة فمجهول الحال أيضا لا يزوّج ولا يؤتمن عند العقلاء فلا يتوقّف عدم التزويج وعدم الايتمان على إحراز كونه فاسقا شارب الخمر فتأمّل.
__________________
(١) الجواهر ، ج ٤٠ ، ص ٥٦.
(٢) العوائد ، ص ٢٧٤.