ظاهر في كون المقصود حجيّتها بنفسها كالبيّنة.
ويظهر من الجواهر أيضا القول باعتبارها بذاتها بنحو الإطلاق ولكن لم يجوّز الشهادة بمضمونها إلّا إذا حصل العلم ، ففصّل بين باب الشهادة وبين غيرها من الآثار.
ففي باب القضاء بعد الاستدلال للشياع بالسيرة وبالمرسلة والصحيحة السابقتين. قال :
«ومنه يعلم أنّه لا مدخلية لمفاده الذي يكون تارة علما واخرى متآخما له وثالثة ظنّا غالبا في حجيّته وإنما المدار على تحققه.» (١)
وفي باب الشهادات منه :
«نعم قد يقال : إنّ الشياع المسمى بالتسامع مرّة وبالاستفاضة اخرى معنى وحداني وإن تعددت أفراده بالنسبة إلى حصول العلم بمقتضاه ، والظنّ المتاخم له ومطلق الظنّ إلّا أنّ الكلّ شياع وتسامع واستفاضة.
فمع فرض قيام الدليل على حجيّته من سيرة او إجماع او ظاهر المرسل او خبر إسماعيل او غير ذلك لم يختلف الحال في أفراده المزبورة التي من المقطوع عدم مدخليتها فيه ، بل هي في الحقيقة ليست من أفراده وإنّما هي أحوال تقارن بعض أفراده كما نجده بالوجدان بملاحظة أفراده.
ولكن على كلّ حال فإثبات حجيّته والقضاء به وإجراء الأحكام عليه لا يقتضي جواز الشهادة بمضمونه وإن لم يقارنه العلم ، لما عرفته من اعتبار العلم في الشهادة وكونه كالشمس والكفّ ....
وبذلك كلّه يظهر لك سقوط البحث في أنّه هل يعتبر فيه الظنّ المتاخم أو العلم وأنّ في ذلك قولين ، بل في الرياض جعل الأقوال ثلاثة بزيادة مطلق الظنّ ونسبة كلّ قول إلى قائل وذكر الأدلّة لذلك ، إذ قد عرفت أنّ هذه الأحوال لا مدخليّة لها في حجيّة الشياع.
كما أنّه ظهر لك منه أنّ الشياع والتسامع والاستفاضة على أحوال ثلاثة :
أحدها : استعمال الشائع المستفيض وإجراء الأحكام عليه. والثاني :
__________________
(١) الجواهر ، ج ٤٠ ، ص ٥٧.