٥ ـ وإن كان الجهل بالموضوع وكان العلم مأخوذا في الموضوع فالظاهر عدم وجوب الإعلام ، كمن رأى نجاسة في ثوب المصلّي ، لما مرّ من أنّ المانع عن صحّة الصلاة هو العلم بالنجاسة لا النجاسة الواقعيّة
وقد مرّت موثقة ابن بكير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلّى فيه وهو لا يصلّي؟ فيه؟ قال : «لا يعلمه.» قال : قلت : فإن أعلمه؟ قال : «يعيد.» (١)
والأمر بالإعادة محمول على الاستحباب أو كون الإعلام في أثناء الصلاة.
وفي صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلّي؟ قال : «لا يؤذنه حتى ينصرف.» (٢)
٦ ـ وإن لم يكن العلم مأخوذا في موضوع الحكم بل كان الموضوع بواقعه مبغوضا للمولى غاية الأمر جهل المباشر به جهلا يعذر فيه فهل يجوز من الغير التسبيب والإغراء إليه كتقديم الطعام النجس أو الحرام إليه ليأكله مع جهله أم لا؟
الظاهر أيضا الحرمة كما مرّ ، لاستظهار ذلك من الأخبار الدالّة على وجوب الإعلام في الدهن المتنجّس لمن يشتريه ، وعدم جواز بيع المختلط بالميتة إلّا لمن يستحلّها ، وعدم جواز بيع العجين بالماء النجس إلّا لمن يستحلّ الميتة ونحو ذلك ممّا مرّ.
وقد مرّ منّا بيان أنّ الأحكام الواقعيّة ليست مقيدة بعلم المكلفين بها وأنّها ليست جزافيّة بل تابعة للمصالح والمفاسد النفس الأمريّة ، والغرض من البعث أو الزجر ليس الّا تحصيل المصالح الملزمة والاحتراز عن المفاسد الملزمة ، وكون المباشر معذورا لجهله لا يصحّح فعل العالم. وكما يحرم مخالفة التكاليف وأغراض المولى مباشرة ، يحرم مخالفتها بالتسبيب أيضا بإلقاء الجاهل فيها ، فتأمّل.
ولا نريد بذلك صحّة إسناد فعل المباشر إلى السّبب حتى يناقش في ذلك بأنّ شرب الخمر مثلا صدر عن المباشر الجاهل لا عمّن قدّمها له ، بل نريد بيان أن نفس التسبيب بما أنّه موجب لصدور مبغوض المولى ونقض غرضه يكون محرّما شرعا.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢ ، ص ١٠٦٩ ، الباب ٤٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٣.
(٢) نفس المصدر ، الحديث ١.